بقلم : سعيد زروال.
بعيدا عن الفوارق
السياسية بين القضيتين الاوكرانية والصحراوية من منطلق ان الازمة الاوكرانية هي ازمة
داخلية بينما القضية الصحراوية هي قضية تصفية استعمار، الا ان المواطن الصحراوي البسيط
الغائب والمغيب عن المشهد السياسي منذ عام 1991 يتحسر كثيرا على استفتاء شبه جزيرة
القرم الذي تم الاتفاق على اجرائه في اقل من شهر، بينما الشعب الصحراوي ينتظر منذ اكثر
من عقدين ولاضوء في افق استفتاء لم يعد يصدقه الا قيادة الرابوني.
في اقل من اسبوعين
قررت روسيا تنظيم استفتاء لسكان شبه جزيرة القرم بجنوب اوكرانيا ذات الغالبية الروسية،
في تمرد واضح على الشرعية الدولة التي لم يعد يؤمن بها في عالمنا المعاصر الا قيادة
البوليساريو. فيما لازال المغرب وبعد اكثر من 23 سنة يرفض تنظيم استفتاء لسكان الصحراء
الغربية المحتلة.
امريكا تدخلت على
الخط لمعارضة الاستفتاء في شبه جزيرة القرم ليس حبا في وحدة اوكرانيا بل كرها في النفوذ
الروسي المتزايد بالمنطقة. وهي نفس امريكا التي تقاعست عن دعم موفدها الى الصحراء الغربية
ووزير خارجيتها السابق جيمس بيكر، وهي نفس امريكا التي رضخت لضغوط اللوبي المغربي وتراجعت
عن مقترح توسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الانسان في اللحظة الاخيرة
قبل مناقشة ملف الصحراء الغربية من قبل مجلس الامن شهر ابريل من العام الماضي. روسيا
بدورها ذهبت اكثر من دفاعها عن استفتاء شبه جزيرة القرم بعد استخدامها لحق الفيتو ضد
مشروع قرار امريكي يشدد على عدم شرعية اي تغيير في الوضع الحالي لمنطقة القرم الاستراتيجية.
هذا التنافس الروسي
الامريكي يعيد الى الاذهان المعايير التي تتحكم في توجيه مواقف الدول الكبرى حيال الازمات
الدولية، وهو مايضع القضية الصحراوية في مرتبة مـتأخرة في سلم الاهتمام الدولي، تجاهلٌ
يدفع ثمنه الشعب الصحراوي الذي اصبح مضطرا لتصديق الاوهام القيادية بعيدا عن محاولة
فهم حقيقية للسياسة الدولية، واي محاولة لتقريب صورة واقع السياسة الدولية من المواطن
البسيط سيتهم صاحبها بالخيانة والاندساس والعمالة من قبل مناضلي "الرابوني".
ان واقع السياسة
الدولية يختلف كثيرا عن الاحلام وشعارات النظام الصحراوي الذي يعيش في واقع منفصل عن
الواقع الدولي، والسبب هو اجهاضه لاي محاولة لتحديث اقدم نظام في العالم في أخر مستعمرة
في القارة الافريقية. لكن من المفارقات العجيبة هي ان القيادة التي تفكر بغباء في سياستها
الخارجية وفي تعاملها مع الازمات الدولية تتعامل بذكاء وانانية مفرطة في الدفاع عن
مصالحها الخاصة، لذلك تركت التفكير بعقلية الحرب الباردة لمصالح الشعب الصحراوي، بينما
اتخذت من قوانين العولمة كأساس للتفكير في مشاريعها الخاصة.
ان ازمة شبه
جزيرة القرم اثبتت وبالدليل ان الاستفتاء لايمكن اجراءه في اي منطقة الا بارادة القوى
العظمى وليس بارادة الهيئة الاممية التي تحول دورها في الازمات الدولية الى "محكن
الرواية" مايعدل مايميل، ولم يعد اي احد يثق في قراراتها باستثناء قيادتنا العريقة.
الفرق بين الحالتين
الاوكرانية والصحراوية لخصه الامين العام الاممي الاسبق كوفي عنان عندما قال في نهاية
عهدته انه يستحيل تنظيم استفتاء في الصحراء الغربية لغياب الطرف الدولي القادر على
الضغط على المغرب لاحترام قرارات الشرعية الدولية. هي خلاصة لامين عام اممي تحاول القيادة
الصحراوية تجاهلها لتعارضها مع الاوهام التي تخدر بها المواطنين البسطاء في القاعدة
الشعبية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق