5- إحموا “يعني”
كلمة “يعني” تعني حسب قاموس المعاني(ّحَفَظه)، يقال عنى الله به أي حفظه، وعناه الأمر، شغله وأهمه، وتفسر في معجم الرائد كأن يقال عنى بالقول كذا: أراده وقصده.
ويقال عنى المعلم تلميذا لديه أي كلفه مايشق عليه، أو عنى المدير موظفا بمهمة شاقة أي أتعبه، ولها مدلولاتها في اللغة: معنى ، فحوى، مغزى، مفهوم، مؤدي، مفاد، محتوى، دلالة، مدلول…الخ.
ومعناها في اللغات العجمية: في الإسبانية: Es decir، وفي الفرنسية:، C’est à dire، وفي الانجليزية: Expression او Sign represents (ملاحظة: عن معاني الكلمة في قاموس المعاني)
وهناك الحديث الشريف القائل “بأنه من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه” كما يقال في المثل: “من تدخل فيما لايعنيه سمع مالايرضيه” أي من حشر نفسه في ماليس من شأنه.
ويقال أعناه طول السفر، وأتعبه الإمتحان، وأعنى المرأة الحمل إلى غير ذلك من محلات التوظيف اللغوي للكلمة.
وقد أردت تناول ” الكلمة” لما صارت إليه من فرط مستعمليها في محلها وفي غير ذلك، فلا نستطيع الإستماع إلى خطاب أو تصريح أو مداخلة شفهية إلا “ّعنَتْ” بكثرة إستعمال تلك الكلمة لحد التقزز، والأمر لايقتصر على الصحراويين فحسب بل ويتعداهم إلى أناس آخرين ومن مستويات أكاديمية وسياسية وثقافية مختلفة، لحد يجعلني أتقاعس عن فهمي للكلمة أو لربما صارت مع الزمن إحدى قواعد الكلام الممكنة، فالعادة عندما تترسخ تصير عرفا والعرف قد يصير قاعدة متفق عليها.
صحيح أن الكتابة هامش لترتيب الأفكار ومراجعتها، ولأننا نستحضر القراء وذوي الرأي المختلف، أمر يعطينا فرصة الشطب أو الإلغاء، لكن هامش الإرتجال ضيق خاصة أثناء التعاطي مع وسائل الإعلام المرئية أو المسموعة إذ يتطلب منا توخي الحذر سواء من باب ترتيب الأفكار أو الرسائل التي نريد إبلاغها للمتلقي سواء أكان مشاهدا أو مستمعا، وفي كثير من الأحيان يكون عامل الزمن ضاغطا مما يجعلنا نضيع المحتوى فنظل نبحر في ” يعني” سواء لعوز في اللغة أو شتات في الأفكار فنستنجد بهذه ” يعني” أو نتكئ عليها كعكازة خوفا من السقوط أمام مطبات الكلام وشرود الأفكار الذي نحن جميعا عرضة له.
صحيح أنه لكل واحد منا ” عكازته الذكية التي يستند إليها أمام عجز الكلمات أحيانا، فهناك من يستعمل “طيب” مثلي شخصيا ” و”على كل حال” و”مثلا يعني” و”بطبيعة الحال” ، “حقيقة”، “كذا الخ” ، “صحيح” ، “من الطبيعي جدا” وغيرها…
إلا أن الإفراط في تناول أية كلمة يصبح مملا وهو حال “يعني” التي أقحمت فيما لايعنيها من الكلام.
إلا أن الإفراط في تناول أية كلمة يصبح مملا وهو حال “يعني” التي أقحمت فيما لايعنيها من الكلام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق