بقلم : سعيد زروال
في البداية استسمح اصحاب التجربة والوطنية من قيادتنا الرشيدة
على إبداء الرأي حول قضية تهم كل الصحراويين، بعد ان اصبح من المتعارف عليه ان اي شخص
يحاول ابداء رأيه في القضايا السياسية خاصة المصيرية يتهم بالخيانة والعمالة من قبل
مناضلي "الرابوني".
جاء روس الى المنطقة والتقى بنفس الاطراف التي التقاها في
زياراته السابقة. وبالتاكيد سيسمع نفس الافكار التي سبق وان سمعها وهي افكار لن تقدم
اي جديد قد يساعد في حل النزاع الصحراوي طالما ان جميع الاطراف غير معنية بجزء من هذا
النزاع الا وهو المعاناة الصامتة للمواطن الصحراوي البسيط سوى بالمناطق المحتلة او
بمخيمات اللاجئين الصحراويين. لذلك لم تجد هذه الاطراف حرجا من اعادة نفس السمفونية
القديمة، فنظام المخزن واتباعه لازالوا يرددون اسطوانة الحكم الذاتي والحل المتفق عليه
المقبول من الجميع، وعلى نفس النهج سارت تصريحات القيادة الصحراوية في "الرابوني"
التي لم تتردد في إعادة اجترار مسألة الاستفتاء التي تحولت الى نكتة في الاوساط الشعبية.
اهداف الزيارات الروتينية للمنطقة..
ابتكر روس اسلوب الزيارات الروتينية الى المنطقة بغرض التعرف
على وجهة نظر المواطن الصحراوي البسيط المتضرر الاول من الوضع الراهن وهذا بعد ان مل
من حوار الطرشان بين الطرفين المغربي والصحراوي، فروس يبحث ومنذ مدة عن الاغلبية الصامتة
من الشعب الصحراوي تلك الاغلبية التي لاصوت لها، لا في مانهاست ولانييورك ولا نواكشوط
ولا الجزائر ولا الرباط ولا الرابوني، والجميع يتحدث بإسمها وهي من يدفع ثمن الانتظار
القاتل منذ 23 سنة. بينما "الاقلية الناطقة" وضعت حساباتها الشخصية والسياسية
على حساب معاناة الاغلبية ولايهمها التوصل الى حل للقضية الصحراوية طالما ان الكثير
من افرادها يعيش سنوات عمره الذهبية، ونستذكر هنا تصريح لاحد قيادتنا الرشيد عندما
سأله احد المواطنين البسطاء اين وصل الاستقلال؟ فاجابه بكل بساطة وباللهجة الحسانية
"انا وقومي مستقلين..شوفو الا انتوما" اي ان القيادة تعيش حياة لاتختلف عن
الاستقلال بخلاف المواطن البسيط الذي لايرى من العزة والكرامة التي تتحدث عنها القيادة
الا الشعار.
اما لانتفاضة التي كان يعول عليها الشعب الصحراوي في اعادة
الروح للقضية الوطنية فيبدو ان فيروس قادم من الرابوني اصابها بعد فقدانها لعامل العفوية
والتسيير الذاتي، والدليل ان عدد المشاركين في بعض الوقفات السلمية بالمناطق المحتلة
اقل بكثير من عدد المشاركين في الوفود الحقوقية التي تذهب لخارج المناطق المحتلة.
على ماذا سيتفاوض الطرف الصحراوي؟
في حال موافقة الطرفين على اجراء مفاوضات مباشرة او غير مباشرة
فالله وحده يعلم على ماذا ستتفاوض القيادة الصحراوية، لان الشعارات والانتصارات التي
تتغنى بها القيادة بعد كل جولة تفاوضية تتناقض ومضامين التقارير الدولية التي يصدرها
المبعوث الاممي. لذا نطلب من قيادتنا الرشيدة استشارتنا في قضايانا المصيرية، لانه
من غير المعقول ان نطالب بحقنا في تقرير المصير بينما تقرر القيادة مصيرنا دون استشارتنا.
وساورد هنا بعض الحقائق من تاريخنا الحديث تثبت وبالدليل ان القيادة لم تستشر الشعب
الصحراوي طيلة السنوات الماضية وهذه الادلة يعرفها القاصي والداني و لايسطيع اي كان
نكرانها :
اولا : القيادة وقعت على وقف اطلاق النار عام 1991 دون استشارة
القاعدة الشعبية.
ثانثا : القيادة وافقت على ادراج مقترح الحكم الذاتي ضمن
خيارات تقرير المصير دون استشارة الشعب الصحراوي.
ثالثا : القيادة قدمت مقترح تتنازل بموجبه عن نصف ثروات الشعب
الصحراوي للعدو المغربي كرد على مقترح الحكم الذاتي، دون ان تستشير الشعب الصحراوي
في ثرواته الطبيعية. وهو مايعني ان القيادة تتصرف في ثروات الشعب الصحراوي كما تتصرف
في المثلث الحيوي : الهلال ، التعاون والتجهيز.
رابعا : القيادة الصحراوية قالت انها مستعدة للقبول باي نتيجة
للاستفتاء حتى ولو كانت الانضمام. دون استشارة الشعب الصحراوي، بينما الملك المغربي
الحسن الثاني كان يقول بانه لن يقبل الا باستفتاء تاكيدي لما يسميه بمغربية الصحراء.
فكان من اضعف الايمان ان تقول القيادة انها لن تقبل الا باستفتاء تأكيدي لاستقلال الصحراء
الغربية عن المحتل المغربي.
بخلاصة علينا ان ندرك ومن باب الواقعية ان ماسيتفاوض عليه
الطرف الصحراوي مع العدو المغربي لن نعرفه الا من وسائل الاعلام العالمية او من التقارير
الاممية، وان مايبحث عنه كريستوفير روس ليس الاستقلال الذي نحلم به منذ أكثر من 38
سنة وليس الانضمام الذي يحاول العدو ان يفرضه علينا بكل الطرق. فروس يبحث عن حل يرضي
طرفي النزاع وهو حل يستحيل الوصول اليه طالما ان تجار "الشعارات" بالرابوني
تاقلموا مع وضعية اللاحرب واللاسلم على غرار نظرائهم من تجار "لكريمات" بالمناطق
المحتلة.
واذا ما استمر الجمود في مسلسل التسوية الاممي وفي مواقف
طرفي النزاع المغربي والصحراوي فان المبعوث الشخصي للامين العام الاممي لن يتردد في
رمي المنشفة وترك القضية الصحراوية مثلما فعل سلفه جيمس بيكر، وهو سيناريو ان تحقق
فالمتضرر منه هو المواطن الصحراوي البسيط الذي مل من الوعود والشعارات الكاذبة للقيادة
الوطنية ومن السراب الذي تبيعه الهيئة الاممية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق