اختلاف الرأي عموما لا يفسد الود قضية كما يقال ،لا أتحدث
عن حي اتشيلسي بمانهاتن، الأكثر تأثيرا في
العالم ولا حي سوغينامي في الجزء الغربي من مدينة طوكيو التي تشكل اكبر تجمع حضاري
في العالم ، ولا الحي لاتيني في باريس
الذي كتب عنه الروائي سهيل إدريس، ولا شارع الشانزليزي الشهير ولا عن جمال أحياء
فينيسيا بايطاليا ولا عن اغرب الأحياء في
العالم في تل سان فرانسيسكو ولا عن الأحياء من خلال معيارها الراقي أو المتدني تبعا
لسكانها أو قيمة أرضها ولا الحس الاجتماعي الذي هو جل أساس تطور الأحياء، بل عن حي
أعظم من هذا كله حي مقاوم في الساقية الحمراء اسمه معطلا أو معطى الله أو الفلوجة أو رمز
المقاومة أو الحي المحاصر،أو
معقل الأحرار سميه ما شئت لكنه يبقى بامتياز
قاهر الغزاة.
حي معطلا له قصة مع التاريخ ،فلقد بني على أنقاض مخيم (الفيلة) الذي التحق
معظم سكانه بمخيمات العزة والكرامة إبان دخول المحتل المغربي وعلى مكان سمي آنذاك (الردم)
قبالة مقر حزب (البونس) أثناء الاستعمار الاسباني ومحاذيا للمكان الذي انطلقت منه
انتفاضة الزملة التاريخية 1970 .
سمي حي معطلا
على مقاول صحراوي اسمه معطى الله بناه في الثمانينات ليتم بيه تعويض منازل
سكان كلومينا الحمراء التي هدمها الاحتلال، ليبنى مكانها قصر ملك المغرب أو ما يسمى بالمشور.
منه بدء العد
العكسي للاحتلال، فيه حدد مصير الاستعمار ،على أعتابه تكسر جدار الصمت والحصار
المفروض على المناطق المحتلة من الصحراء الغربية،فوق أرضه اجتمع الأحرار وأولد الأبطال
.
عرف في سجل المخابرات المغربية على انه معقل الثوار(البوليساريو)
ورمز المقاومة، منه
انطلقت انتفاضة الاستقلال في يناير 1995 ،فيه
ارتكبت أبشع انتهاكات حقوق الإنسان، رفض
سياسة تكميم الأفواه ،منه
انطلق الدعم القوي لتقرير المصير ،
وظهر الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا .
يقال أن النضال ألا عنفي هو الطريق إلى الحرية ،ويرى
غاندي أن أسلوب ألا عنف هو أعظم أسلوب اعتمده الإنسان ويعتبر أقوى سلاح للتخريب
ابتكره البشر ضد الظلم والاستبداد.
من
هذا المنطلق اعتمد الشعب الصحراوي في مقاومة السلمية على نضاله الحضاري الذي جسد فيه أروع صور في
التضحية والإخلاص ،جعل
الدولة المخزنية تعيش عزلة شبه قارية بسبب
ما ترتكبه من مجازر في هذا الحي العظيم و
في شارع السمارة و مزوار وشارع الطنطان وحي الإنعاش ...وغيرهم من شوارع عاصمة
وطننا المحتلة.
انتفاضة 2005 أدخلت حي معطلا من الباب الواسع، حيث خرج الأحرار ينشدون
بأعلى صوت مرددين شعار لا بديل لا بديل عن تقرير المصير، فيه سالت دماء وفيه
ارتفعت أعلام الجمهورية الصحراوية، على أسواره تحطمت مخططات العدو وفشل مشروع
الحكم الذاتي.
رغم التكتم الشديد والسرية التامة هناك هزيمة نفسية
لبلطجة المخزن داخل هذا الحي العظيم ،حيث يعيش تحت رقابة بوليسية 24ساعة ،عرف أول مشروع
ديناميكي داخلي للمقاومة السلمية المستمرة ضد قمع وعنف الاحتلال ،داخله تعلم
الصحراويون كيفية صياغة وتوزيع أساليب مقاومتهم الباسلة للمحتل المغربي بهدف خلق
فضاءات جديدة وبأسلوب حضاري ووعي تام ،لكن تعنت
المخزن وغطرسته وتماديه في عنفه بإقحامه للجيش والشرطة والقوات المساعدة في جريمته
ضد الشعب الصحراوي الأعزل قد يزيد الانتفاضة تصعيدا.
الشعوب تقاوم من يحتل أرضها،لكنها قد تختلف في أساليب مقاومتها
للمحتل والمقاومة السلمية قد تتحول إلى عنف وعنف مضاد عندما يتمادى المحتل في
همجيته ، فهي ليست موقفا سلميا كما يصورها البعض بل هي حركة
ايجابية تدفع الشعب إلى الانتقال من موقع المتفرج إلى موقع المشارك في صنع القرار.
وخلاصة القول أن أساليب النضال السلمية تعبر في غالب الأحيان
عن الرفض والاحتجاج و من هذا المنطلق خرجت الجماهير الصحراوية إلى الشارع لتقول
للمحتل المغربي.. الدولة الصحراوية المستقلة هي الحل.
بقلم الغيث امبيريك 
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق