/ بدون تصنيف / المحفوظ اعلي بيبا الرمزية المعلقة بين التأبين العاطفي والتأبين السياسي الوطني؟

المحفوظ اعلي بيبا الرمزية المعلقة بين التأبين العاطفي والتأبين السياسي الوطني؟










المحفوظ اعلي بيبا الرمزية المعلقة بين التأبين العاطفي والتأبين السياسي الوطني؟

بقلم: أندكسعد ولد هنان


إذا أرادت القدرة الخلود لإنسان سخرته لخدمة الجماهير"

هذا ما اجتمع واتفق عليه القائدان الرمزان الولي مصطفى السيد والمحفوظ اعلي بيبا، وهذا ما لقيا عليه ربهما، فقضيا نحبيهما وما بدلوا.

بين الوعد والعهد والنحب شكلت حياة الرجلين صيرورة كفاح ونضال وبذل وعطاء، في تاريخ الشعب الصحراوي الحديث، وعلامة فاصلة بين عهود التيه والعدمية السياسية، وعهد الهوية المتميزة والمميزة وكسب آليات ومنطق العصر، والدخول في معترك إثبات الذات والحقوق وسبل كسبها وترسيخها واستجماع شروط وعوامل العزة والإباء والكبرياء والرسوخ والشموخ والخلود. والخروج الأبدي من عهود السذاجة الوطنية و "أَتْزَوْلِي.

وشكلت لحظات رحيل كل منهما إلى الرفيق الأعلى، كل بمقتضيات لحظته التاريخية علامات فاصلة بين ما قبلها وما بعدها؟ تتوقف على أنماط التعاطي معها وبها؟

فكان رحيل الشهيد الولي المصطفى السيد القائد الرمز المُلْهِمْ، رغم ما شكله من خسارة وطنية وافتقادنا لقيادية الرجل بحكم معطيات ظرفه ليس الوطني والجهوي والدولي فحسب، بل بحكم حداثة التجربة ومحورية قيادية ومناقبية الرجل، لكن قدوته ومثاليته واستشرافية نظرته وتخطيطه وإعداده للرجال في زمن قياسي عوضت وظلت ملهمة وموجهة للرجال، وعبقرية التخطيط ظلت ممسكة بوجهة المسار، ومرَاكِمَةً للمكاسب في اتجاه المصير، وظلت بقوة الدفع الذاتي قاطعة المسافات الكبيرة في اتجاه تحقيق الأهداف الكبرى ومقصرة لعمر المأساة ومخففة لوقعها. شكل استشهاده ضمانة حقيقية في إثبات وتثبيت الوحدة الوطنية.

فكان وبحق تأبين المحفوظ اعلي بيبا له، بقيادته المسيرة ببصيرة وثبات وتماسك ورزانة ورصانة وحنكة وحكمة وتوازن، تأبينه لقائده ورفيق دربه ووعده وعهده وقوله بالفعل لا القول: "هذا دربنا، درب الولي ورفاقه، فانتصروا، أو موتوا على ما مات وماتوا عليه..." هو التأبين الوطني الفيصل حتى سلم الأمانة لمن ائتمنهم الشعب على مساره ومصيره.

فظل الرجل برجاحة عقله وسمو أخلاقه وبصيرته وحكمته وانضباطه والتزامه وكارزماه، المتقدم لصفوف الفعل والبذل والعطاء، المتماس مع الرفاق في القواسم الوطنية، المبتعد المتحفظ باحترافية وذكاء ولياقة عن التقاطعات الشخصانية الذاتية المصلحجية، المنزوي عن الأضواء، الزاهد في المظاهر والمظهرية الحاضن بحكمة وحنكة لأطراف الفعل الوطني من منطلق وحس المسؤولية الوطنية الاستشرافية والقيادة والقيادية المناقبية، لتجد القضية الوطنية نفسها برحيله أمام تحدي رحيل الشهيد الولي مصطفى السيد، مع فارق الاختلاف في الأوضاع العامة للقضية الوطنية، والعوامل المحيطة بها ذات التأثير فيها وعليها؟

فإبان استشهاد الولي مصطفى السيد كانت المرحلة مطبوعة بحداثة التجربة وقلة الإمكانات والتجاهل والتعتيم الخارجي، لكن الارتكاز على قوة وتقوية الوحدة الوطنية والتمسك بمطلب الحق والإصرار على انتزاع الحقوق، ووقع وإيقاع الصدام المسلح المباشر مع الأعداء وعدم التباس الرؤى.

أما في رحيل الرمز القائد المحفوظ اعلي بيبا فإن المرحلة يطبعها تضعضع الوحدة الوطنية وترهل همم الرجال من الرجولة إلى الْمِرْجَلْ، وارتباك بوصلة الأهداف، وغياب المناقبية وتدني الطلائعية واستفحال الطمائعية في "النخب" والفشل الحقيقي في إدارة شروط النصر انطلاقا من ضمور الوازع الأخلاقي المناقبي في تعاطي "النخب" مع المشروع الوطني، وما ترتب عنه من تَيْهٍ بين مقتضيات "أَسَتْرَ" وتداعيات الانشغال والانهماك والانغماس في "أَتْحَلْكِيمْ" وهو ما يطرح في مقام تأبين القائد الرمز، تساؤل:

هل يليق بمقام الرجل وهو في علياه أن يرانا نبكيه، كما يبكي أمير غرناطة أبو العبد الصغير مجده، لتقول عنا الأرامل والثكالى الصحراويات: " أبكوا مثل النساء مجدا لم تحافظوا عليه مثل الرجال"؟

صحيح المقام يقتضي عاطفيا خطابا آخر، يستحقه المحفوظ اعلي بيبا، وكل رفاق وأمثال المحفوظ اعلي بيبا وأكثر. أقولها مع حفظي شخصيا ووطنيا لمكانة ومكان ومقام الرجل القائد بكل ما يعنيه ويرمز إليه. أقولها وليس بيني وبين الرجل "لَعْظَامْ" عائليا ووطنيا. وبمقدار أنه ليس بيني وبين الرجل "لَعْظَامْ" فلم يكن بيننا كذلك "اللحَمْ"، ولم يظهر يوما لعلاقة الدم قيمة أو إن صح التعبير ميول حفاظا منه على قواسم الوطنية والرفاقية حتى معنا في عائلته المباشرة.

يا للوطنية والمناقبية والقيادية، التي توظف كل شيء لخدمة الأهداف السامية التي آمن بها وعاهد عليها وتعهدها، يا للوطنية والمناقبية والقيادية التي تأبى أن تختزل كل شيء في العلاقات العاطفية والمصلحجية الدنيئة.

وهنا يتداعى بالبداهة سؤال جوهري:

هل بكاؤنا على المحفوظ اعلي بيبا هو فقط لفقد القائد الرفيق والعزيز؟ أم لفقد بفقد المحفوظ ما يمثله فينا؟ وبالتالي فقرنا في ما تمثله رمزية ومناقبية المحفوظ وأمثاله؟

وهو ما يضع النخب في جلال المقام أمام التساؤل الكبير:

هل الموقف هو تأبين أم تأنيب؟

وبالتالي تصبح الطلائع الوطنية بكل المقاييس أمام تحدي وطني مصيري في مقام اللحظة وجلال المقام، ومقتضيات الصراع بِتَمَثُّلِ التحديات والمخاطر، والرد على تساؤلات المسار والمصير. بإحداث تحول وطني عميق شامل صادق وطني، دون لف أو دوران بعقول وعقليات وطنية متسامية عن الصغائر والضغائن. لا تحتاج أن يتجول عزرائيل في مضاربها حتى تعرف أن الموت حق وأن الخلود للقيم والمآثر والمناقب وفعل المكارم والأكارم والبقاء لله الواحد القهار.

وأن: "مَيَّتْ مَشْكُورْ أَتْكُولْ النَّاسْ مَاهُ كِيفْ الْحَيْ الْمَحْكُور.

وأن يرتفع الكل إلى مقام تحويل المأتم والتأبين العاطفي للقائد الرمز المحفوظ اعلي بيبا إلى تأبين سياسي وطني، يكون رافعة للفعل والأداء الوطني من خلال التمسك بالعهد ومراجعة الوحدة الوطنية وترسيخها وانبعاثها على أسس صلبة قوية آملة ومؤملة تقوي الإصرار على تحقيق الأهداف الوطنية العليا بإحداث التحولات المطلوبة والضرورية بحكم خطورة الأوضاع وقساوة الظروف وخبث وكيدية التكالبات والمخططات، وبالتالي الارتقاء بالمشروع الوطني إلى أسباب وشروط وضمانات النجاح والفلاح والنصر وهنا مكمن التحدي الوطني.

عن الكاتب :

شاب مغربي أحب كل جديد في عالم الانترنت من مواقع وبرامج واحب التدوين ودائما ابحث عن الجديد لتطوير مهاراتي في مختلف الميادين التي تعجبني لكي انقل معرفتي وتجاربي لآخرين حتى يستفيدوا بقدر ما استفدت انا ;)
الموضوع السابق :إنتقل إلى الموضوع السابق
الموضوع التالي :إنتقل إلى الموضوع القادم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

your widget

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

انضم إلينا