بين النقد و ما يجبله من خير مستقبلي أو شر ـ لا سمح الله ـ على حرية الرأي والتعبير والانفتاح وإحترام الآخر …..وبقية القيم , وبين الدفاع عن النفس بمهاجمة المنتقدين ، يتراوح الإعلام الصحراوي المستقل .. فلماذا نحرر لتأسيس حرية التعبير ونعبد لها الطريق لدخول مجتمعنا دون أذى ، إذا لم نكن نحن أنفسنا في مستوى تحمل النقد وتقبله بروح إحترام الرأي الاخر ؟ يعيدني هذا السؤال الى قراءة بعض مقالات الرأي التي يتجاوز فيها الكاتب حدود الكتابة الى القدح والقذف والدخول الى خصوصيات الأشخاص .. يعيدني أيضا الى نشر الاخبار بشيء من قلة الدقة وعدم إعطاء الفرصة للطرف الآخر لتوضيح وجة نظره وطرح رأيه كحق تضمنه له مواثيق الشرف الصحفي لكافة الدول . عندما نكون إعلاميين بحق .. صحفيون كنا ، كتابا أو حتى هواة للكتابة و الإنخراط في مهنة المتاعب ، فمن واجبنا جميعا تجاه شرف مهنتنا و المتلقي , النأي بأنفسنا عن الصراعات الجهوية أو القبلية أو السقوط في فخ الإنتماء او إنخراطنا بشكل مباشر أو غير مباشر في لعبة تصفية الحسابات و إلا فعلى الحياد السلام . جزء من النفاق : أن نظهر للمتابع وجها و نحجب عنه وجها آخرا ، وكأننا نؤمن ببعض ونكفر ببعض . هناك جهات تنتقد بقوة في الجانب الأخر.. جهات تحت الحماية .. حقائق تنشر ببساطة و أخرى حكم عليها بالمؤبد، ليس لأنها غير صالحة للنشر حفظا للأمن أو حفاظا على “الموحدة” بل لأن انتماءنا إلى جهة نواليها يجعلنا نرمي مساويها خلف الخطوط الحمراء التي يحظر تجاوزها طالما أن هناك مصلحة للراعي الرسمي ــ المجهول ــ . جزء من النقد نتحمله نحن الذين أوكلت لنا مهمة تنوير الرأي العام .. جزء آخر تتحمله الدولة لعدم إقرارها قانونا نافذا خاصا بالإعلام، ليس ذلك القانون الذي قرأناه، بل آخر يعزز فرص إستتباب الحرية في التعبير وإحترام الرأي مالم يخرج عن ميثاق الشرف الذي يجب أن يولد كاملا ليرسم الخط بين الحلال والحرام في عالم الإعلام الوطني . في غياب ذلك يبقى الوازعان الأخلاقي والديني سيدا الميدان الإعلامي الذي يتأرجح بين المصلحة الضيقة والعنوان الناقد لكل شيء .. حتى لما فيه المصلحة العامة رغم أن كل مصلحة قد لا تخلو من مفسدة وإن صغر حجمها .. فمهرجان السينما مثلا أحيط بكثير من الإنتقاد تجاوز بعضه الخطوط الحمراء المتعارف عليها عالميا وهي المس من شرف الأشخاص بعد الدهس على الشرف الصحفي .. الأمر نفسه ركبه الإعلام المعادي فوجهه صفعة الى وجهنا بعد إعادة صياغته والإبقاء على نفس الصورة .. من هنا يأتي سؤال آخر : أين نحن من إعلام يخدم قضية ؟ مع إتفاقنا جميعا على عدم تقديس الأشخاص الذي لايعني أن لنا الحق في قذف إنسان و اتهامه جزافا . صحيح أن إعلامنا المستقل شكل منبرا حرا لجملة من القضايا كانت في عداد المحظورات لولاه لظلت حبيسة الخطوط الحمراء المزيفة .. صحيح أنه فتح عيون الناس على واقع يتنافى والحلم الذي كانو يعيشونه بعيدا عن الحقائق المرة .. وصحيح أيضا أنه وسع دائرة النقاش حول القضية وشكل منبرا لتبادل الأفكار و مواكبة الأحداث بوعي يقلل ضغط الإحتكام الى العاطفة في القضايا السياسية المصيرية .. لكن من الصحيح أيضا أنه تجاوز الخطوط الثابتة، حقه في احترام خصوصيته …..إلى حقه في الرد، فقد تلقيت إتصالات على حسابي بعد صد أبواب المنابر الحرة في وجهها . تشكل العقدة هنا أن من يخالف عقيدة منبر حر .. يحكم عليه في ذات المنبر بالدجال ويوصف بالبوق للنظام إلى ماغير ذلك من التسميات التي لاتمت للإعلام بصلة، وهي أيضا في ميثاق الشرف من الخطوط الحمراء الثابتة . اليوم أفر بنفسي عن الصمت حتى لا تلزمني صفة الشيطان الأخرس شيء .. أنأى بها عن متابعة الإنحراف خارج المسار الصحيح الذي بدأ البعض يسلكه تحت ضغط المنافسة أو البحث عن الذات.. عن الشهرة..أو إرضاء الجهات الوصية (المجهولة الأهداف) .. ولست هنا بمتهم رفاق درب أكن لهم جزيل الاحترام . تجاوزات كثيرة كثرة إحترامي للزملاء في مهنة المتاعب حصلت قوبلت بإستحسان صمت زملاء أخرين وتزكية البعض الذي تجني أسهمه أرباحا من عمليات التشويه .. ولا زلنا في هذه المتاهة حتى تغيرت الأسماء من حولنا .. فأصبحنا نسمع بالقصر الأصفر وجنود السيسي .. فيما حلت المافيا (مافيا المخدرات والتهريب) في المرتبة التي تستحق الثناء ولن أطيل الحديث في هذا المقام فقد يقصر عمري رغم أنني لا آبه للروح التي هي بأمر الله، وقد أطل قريبا لفتح النار على هذا الموضوع الذي بات يعتم على المشهد ويغير الأشياء.
المطلوب لتفادي الإنزلاق أن ننخرط ــ كصحفيين متخصصين , كتاب رأي , ناشطون إعلاميون ــ لرسم إستراتيجية إعلامية تستند على دعائم قوية كإحترام الرأي الآخر وعدم التخوين ، و الفصل بين نشر الحقائق وبين المساس بحريات الآخرين وخصوصياتهم .. مطالبون أكثر بالنأي عن إثارة العنف والحفاظ على ركائز الوحدة الوطنية و صقل موادنا الإعلامية “سم التحريض” .. وإعادة قراءة ميثاق الشرف الصحفي لتأطير مقالاتنا وفق دائرة تسمح بتوسيع الحوار والتوعية ولا تسمح للقطار بالإنزلاق عن السكة .. وإلا فقد نتسبب في متاعب للمجتمع الذي ائتمننا على الجبهة الإعلامية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق