/ / لسنا خير خلف لأبطال ثورة 20 ماي!

لسنا خير خلف لأبطال ثورة 20 ماي!


بقلم: حدمين مولود سعيد.حدمين مولود سعيد
ترجمة: المحفوظ محمد لمين بشري.
قبلنا بذلك أو لا ، التاريخ وضعنا في مقام  مرجعي بالنسبة للأجيال، ربما لن يتحمل أي جيل مسؤولية كالمسؤولية التاريخية الملقاة على عواتقنا نحن، الجيل الذي سبقنا ترك لنا على الأقل روح عالية للكفاح من أجل الحرية و الإستقلال، و من جانبها الاجيال القادمة لن تسامحنا أبدا على حرمانها من ما  ورثه لهم أجدادهم. بعبارة أخرى و بتقدير جيد 95 بالمئة من الشعب الصحراوي في المنفى قد رضع من ثدي ثورة 20 ماي حب حرية و إستقلال الصحراء، و الإستعداد للتضحية من أجل هذه الأهداف، ولقد ورثنا نحن هذه الروح النضالية لإسترجاع حقوقنا بكل أمانة، و نتمنى أن نقوم نحن بدورنا بتورثيها للأجيال القادمة.
من جهة أخرى، يعود اللوم في تدمير أسس و قيم ثورة 20 ماي إلى الفئة الحاكمة، التي مهدت الطريق إلى بروز و إزدهار أشكال جديدة من التفكير و العمل في المجتمع ،و  نفس الروح و الرحابة التي أظهرها الشعب الصحراوي في سنوات مجده (السبعينات و الثمانينات)  تعود لتظهر اليوم و لكن في الفردية القاتلة و الأنانية المتفشية.
إن تفكيك الأسس و المظاهر التي شكلت مُثل ثورة 20 ماي ، شجع ظهور قيم مخادعة باتت هي التي تمثل “قيم النجاح” في المجتمع، في الوقت الذي سبب الإقصاء السياسي و الإديولوجي للمواطن تغير الإعتقاد، حيث إنحرف تفكيره إلى الإعتقاد الخاطئ بأن السعي لتحقيق الحرية الفردية و لو على حساب الحرية الجماعية سوف يؤدي إلى السعادة الحقيقية . إختيار هذه الطريق يجد الإعتراف العاجل بالنجاح و الإنتصار من قبل مجتمعنا الحالي، و أصحابها عادة ما يوضعون في أعلى المراتب الإجتماعية، أي أن الغنى ــ المشروع و غير المشروع ــ ، الرفاهية ، بطاقة الإقامة أو الجنسية الإسبانية ، أصبحت امور تشكل في وقتنا الحالي أسمى علامات التطور، الحرية و السعادة ، مع أنه لا يوجد أكثر بطلانا من هذه الإعتقادات.
كان لدى مقاتلينا المؤهلات الكافية لكي يتربعوا على المكانة الإجتماعية العالية التي كانوا يحتلون، هذه المؤهلات وُلدت من سمو المبادئ و الأهداف التي كانوا يكافحون من أجلها ، اليوم و وبعد أن أصبحت هذه المكانة الإجتماعية من نصيب “طبقة المهاجرين” وجب علينا التساؤل: ما هي المؤهلات التي نمتلك نحن المهاجرون كي ننال التقدير و الإعتبار الذي كان بالأمس من نصيب من صنعو أمجادنا؟، ما هي الأسباب النفسية و الإجتماعية التي طرأت على شعبنا حتى يصل إلى إعطاء هذا السلوك (الهجرة) مكانة عالية ، إلى درجة أن تصبح مصدر إلهام و حلم الجميع حتى الأطفال في الوقت الذي كان فيه الحال مغايرا سنوات قليلة قبل ذلك؟ و ما هي الأسباب المنطقية وراء تغير المعايير التي تحكم النجاح الإجتماعي؟
إن عجز القيادة عن ملأ الفراغ الناتج عن نهاية الحرب، فضلا عن سمعتهم التي باتت ملطخة و مشوهة بسبب “الخيانات” التي طالت بعض المسؤولين البارزين و كثرة الفضائح الناتجة عن قضايا الفساد المستشري، بالإضافة إلى عدم قدرتهم على جلب الحلول للمشاكل التي يعاني منها المواطنون ، كل هذا تسبب في إنهاك و تثبيط ما تبقى من همة المواطن.
و كنتيجة لهذا الإنهاك و التثبيط ، أصبح المواطن غير قادر على ردع مفاهيم جديدة طرأت  على المجتمع ، و في الظروف التي يعيشها الصحراويون كواقع اللجوء باتت تلك المفاهيم عصية على المقاومة، و كنتيجة منطقية لهذا العجز و التدهور الإجتماعي، من الطبيعي أن يعطي المواطن بظهره للسياسة و يلجأ إلى أكثر الطرق ضمانا للخصوصية الفردية و يبحث بنفسه عن المُثل التي مُنع منها بعد حرمانه من حق الدفاع عن القناعات التي جاء من أجلها.
إن الإستسلام لهذا الواقع، أدى إلى كبح جهود المواطن، فقلصت أسباب تواجده إلى أدنى الحدود، فبات الإنزواء إلى الجانب الشخصي و الفردي أحسن وسيلة، لم يعد المواطن يشكل جانبا من جسم قوي و متماسك، قليلون اليوم من هم مستعدون للتضحية في سبيل الهم العام، هذا التسليم بالأمر الواقع جعل المواطن في رحلة البحث عن الرفاهية الفردية ليس في إطار الحرية الجماعية و إنما في حدود الحريات الشخصية التي يمكن ممارستها بطريقة فردية و إن كانت خارج الحدود.
و في السباق نحو وهم هذه المُثل  (الحرية ،التطور،السعادة) تنكرنا لمبادئنا ، قمنا بنسيان أولئك الرجال و النساء الذين ضحوا بحياتهم من أجل حريتنا و أهملنا  قضية شعبنا بتركها في يد هذه القيادة التي إستسلمنا لها. حتى و إن أخذنا بعين الإعتبار أشرس الإنتقاداتالتي توجه لها.
الغريب في الأمر، أنه في سنوات “فويرا اسبانيا” … “فويرا اسبانيا” و عندما كانت الصحراء مستعمرة، كانت هناك روح و إرادة قويتين من أجل تحريرها ، و بالمقابل إنتقلت الصحراء اليوم إلى إحتلال أسوأ من سابقه ، و تضاءلت مع ذلك إرادة تحريرها و تحديدا تحت أيدي أولئك الذين يعودون أدراجهم اليوم لتوسل الجنسية الإسبانية في تناقض مع ما كانوا يقولون و يفعلون سنوات 1973،74،75 عندما كانوا يصرخون “فويرا اسبانيا” “فويرا اسبانيا” ، اليوم أستبدلت هذه ب “تحيا اسبانيا” “تحيا اسبانيا” ، تلك الروح الثورية المناهضة للإستعمار التي كان يتشبع بها شباب السبعينات و الثمانينات إنقلبت اليوم، و في إنتكاس وتناقض واضحين يقوم هؤلاء أنفسهم بالتوسل للحصول على جنسية كانوا قد كافحوا ضدها ذات يوم.
يمكن إدعاء إي شي من أجل جعل من الممكن فهم (و ليس تبرير) هذه الخطوة (طلب الجنسية الإسبانية) ، و لكن الشيئ الذي لا شك فيه هو أنه و فضلا عن الإعتراضات على الحصول عليها، فإن هناك مغالطات سيأتي اليوم الذي تكشف فيه.
ينبغي أن نضيف علاوة على كل هذا أن إحتمال بداية إجتثاث الجيل الثاني من المهاجرين الصحراويين و الذي من المؤكد سيفسد السعادة الفردية التي ذهبنا للبحث عنها في الغرب، عندها سوف نكتشف أن الحرية الفردية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تحل محل الحرية الجماعية، و أن كل هذا لم يكن إلا مجرد وهم و عندما يبدأ أبنائنا الذين يتمتعون بالجنسية الإسبانية بطلب تقديم مبرر لسلوكيات نزعم أننا قبلنا بها  شكليا، عندها فقط سنكتشف بمرارة زيف و بطلان ما كنا نتسابق لأجله.
 ملاحظة: سبق وأن نشر المقال أعلاه سنة 2008 باللغة الاسبانية، اليوم ينشر باللغة العربية نظرا لأهمية المضمون.

عن الكاتب :

شاب مغربي أحب كل جديد في عالم الانترنت من مواقع وبرامج واحب التدوين ودائما ابحث عن الجديد لتطوير مهاراتي في مختلف الميادين التي تعجبني لكي انقل معرفتي وتجاربي لآخرين حتى يستفيدوا بقدر ما استفدت انا ;)
الموضوع السابق :إنتقل إلى الموضوع السابق
الموضوع التالي :إنتقل إلى الموضوع القادم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

your widget

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

انضم إلينا