/ / عيوننا الجميلة

عيوننا الجميلة















الصورة : مدينة العيون المحتلة ... و يبدو وادي الساقة الحمراء وكأنه يحتضنها

الى ارواح اولائك الذين عبدوا بدمائهم طريق الحرية والكرامة…
 الى كل صحراوي يعشق عاصمة وطنه حتى و لو لم يراها…
 الى كل من ارغم على ترك مدينته رغما عنه…
كتب الله علينا نحن بعض الصحراويين ان نعيش في اقسى مناطق الارض حرارة واقلها نباتا وماءا, انها الحمادة، كان اجدادنا يضربون بها المثل على العطش الشديد حين يقول احدهم “يعطيك اعطش لحمادة” … لكن هذه الحمادة احتضنت ثورة وشعبا وقضية على مدى ثلاثة عقود و يزيد…
 ولدت في مدينة العيون عاصمة الصحراء الغربية في منتصف عام 1975 والذي كان من اقسى السنوات التي عاشها الصحراويين، سنة تكالبت فيها دول الجوار الاشقاء على شعب اعزل مسالم لا يفقه معنى التآمر شعب من شيمه اعانة الضعيف ومناصرة المظلوم ودك اعداء الاسلام والمستعمرين انذاك ومن رجاله من استشهد وهو يحارب فرنسا الى جانب الموريتانيين والمغاربة والجزائريين، اما الاسبان فما حاربهم الا الصحراويين والصحراويين وحدهم.
 لم ارتوي من مياه الساقية، ولم يتسنى لي ان افرق بين روائح نباتات وادها العظيم ولم اترك اعرف مصباته ولا عرفت حدوده ولا شممت هوائه ولا تداويت من عيونه ولا قطعته شمالا ولا جنوبا وماتركت ازرعه وماحصدته قط، ماسبحت في شواطئ بلدي ولا اكلت من سمكه الطيب و ما عرفته الا من خلال الروايات والقصص، اليس بلدي جنة من جنان الارض حقا.
 منذ سنوات قليلة زرت و لاول مرة عاصمة بلادي المحتلة… في رحلة برية من اوروبا …
  كان معي صديق من سكانها ولد فيها وكبر وكان يحدثني عنها على طول مسافة الطريق.
 وازداد شوقي لهذه المدينة التي تركتها وانا لم اكمل عامي الاول في الحياة انها العيون التي يحبها المرء قبل ان يراها ويتيم بها عندما يراها ويعشقها لما يمشي فيها وتسحره لما يسكنها.
 لما وصلنا منتصف الجسر الواصل بين ضفتي وادي الساقية قلت لصديقي اركن السيارة.!!
  رد قائلا نحن فوق الجسر ممنوع الوقوف !! قلت لا عليك توقف !!
 اركن السيارة وترجلنا منها … وجلست امام السيارة مستقبلا القبلة وتيممت وصليت ركعتين ودعوت الله بالنصر وحمدته على رؤية العيون والوصول ثم اكملنا الطريق.
  يالها من مدينة لاهي شرقية ولا غربية صحراوية بامتياز تحتضنك قبل ان تحتضنها تقبلك قبل ان تقبلها انها العيون التي ظرفت دموعها بين الفرح و الحزن على من ذهب من ابنائها … تزفك بزغرودة لايسمعها الا انت … تتطاير شياطين الطغات من حولك … و يتجمع الاهل والاحباب … وتبدء حكايات الف ليلة وليلة … يسألونك عن الماضي والحاضر والمستقبل.
 فالماضي هو سنوات التشرد والرحيل والانطلاقة والحرب وحكاياتها والمعارك والانتصارات والاعترافات…الخ والحاضر هوالامم المتحدة و الاستفتاء والزيارات والانتفاضة واكديم ازيك والمعتقلين السياسيين والشباب والهجرة والمفاوضات وعودة الحرب والتظاهر وحقوق الانسان والمينورصو…الخ والمستقبل الاستقلال و ماذا ينتظر الى متى والحال على حاله لاحرب ولا سلم ..
 عاصمتنا جميلة و اهلنا مضيافين، متفتحين محبين لكل من هو قادم من الشرق, مدينتنا تحب الجميع الا من جاء مقبلا لايادي الغاصبين او طامعا في مال المحتلين… العيون ولبلايا(المرسى) وبوكراع والدورة والسمارة وبوجدور والداخلة واوسرد… كل المدن الصحراوية تتنادى وتتخابر بمجيئك رناتها موسيقى وطنية تنبعث من جميع الهواتف النقالة وفي جميع سيارات الاجرة وداخل البيوت كل شئ صحراوي … الاطفال يكررون “شيكيو شيكيو والمليك يحرك بيو” و “لابديل لابديل عن تقرير المصير” بين الحين والاخر تمر سيارة بموسيقى وطنية واعلام وطنية هنا وهناك وشعارات مُحيت ولا تزال واضحة لمن اراد ان يقرئها على جدار دارنا وجداركم وعلى داراهل فلان وعلى دارالبلدية وعلى النادي وعلى دكان … …
 عندما تمشي في المدينة فكأنما تمشي في ربوع الوطن هذا سوق الجاج و سوق اجمال و البوركو وكولومينات وهذا شارع مكة والقيروان وبوكراع وهذا شارع السمارة وحي معطالله فالسكيكيمة ورأس الخيمة و ديرايدك و لاحوهم والبير اجديد ومزوار والحي الحجري (الزملة)… وهذه هي العيون الى حيث ترنوا كل عيون الصحراويين.


بقلم: بلاهي ولد عثمان

عن الكاتب :

شاب مغربي أحب كل جديد في عالم الانترنت من مواقع وبرامج واحب التدوين ودائما ابحث عن الجديد لتطوير مهاراتي في مختلف الميادين التي تعجبني لكي انقل معرفتي وتجاربي لآخرين حتى يستفيدوا بقدر ما استفدت انا ;)
الموضوع السابق :إنتقل إلى الموضوع السابق
الموضوع التالي :إنتقل إلى الموضوع القادم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

your widget

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

انضم إلينا