/ , / المراحل الأخيرة للاحتلال المغربي

المراحل الأخيرة للاحتلال المغربي



الغيث امبيريك


نعم ، لم تفلح الوساطات الأممية والإفريقية حتى الآن في حل قضية الصحراء الغربية ،رغم الجولات المكوكية لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى المنطقة كريستوفر روس، باستثناء بعض المتغيرات التي يعتبرها المهتمون بالقضية أنها تصب في صالح جبهة البوليساريو،لأن تصرفات الدولة المغربية أصبحت موضع إدانة دولية وعلى رأسها أمريكا،إذا توالت التقارير المطالبة بتوسيع صلاحية المنور سو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية والإقرار بمبدأ تقرير المصير الذي تقره كل المواثيق  الدولية ،  وخصوصا إن أمريكا شرطي العالم الثقيل قد سبق لها في قرار60-20 إن صادقت على ضرورة إجراء استفتاء  تقرير المصير في الصحراء الغربية ،كما سبق كذالك أن اعد البرلمان الأوروبي تقرير يدين فيه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الجزء المحتل من الصحراء الغربية  واستغلال الثروات الطبيعية لها من طرف المغرب وهو المقترح الذي تقدم بيه تشارلز تنوك وكذالك الرسالة التي بعث بها رئيس لجنة حقوق الإنسان  بالكونكرس  الأمريكي أفرانك وولف والديمقراطي جم ماكغوفرن  إلى كاتب الدولة الأمريكي جون كيري حول انتهاكات المغرب لحقوق الإنسان  في المستعمرة الاسبانية السابقة .
منذ صدور القرار الأمريكي السابق بتوسيع صلاحية المنور سو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية على لسان ممثلته في  الأمم المتحدة سوزان رايس وتولي رجل الحوار السناتور جون كيري حقيبة الخارجية، المحسوب من طرف المغرب على المتعاطفين مع جبهة البوليساريو،لجاء المغرب كعادته المحمودة إلى الاستنجاد باللوبي الإسرائيلي الأمريكي  لتوقيف تمرير القرار ، ولقد أفاد الموقع اليهودي  الأمريكي (مندوسن) طلب المغرب من الجمعية الأمريكية الإسرائيلية  وهو لوبي مناصرة لإسرائيل لتدخل لصالحه لدى الكون كرس الأمريكي  بشأن الصحراء الغربية مما أدى إلا عدم توسيع صلاحية المنور سو   لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية في تلك الفترة وقد ساعد في ذالك أيضا عدم إسرار أمريكا على القرار، والتحفظ عليه من طرف الدول الكبرى أو ما يسمى بأصدقاء الصحراء الغربية  دون أن ننسى الموقف الفرنسي السعودي، لكنه حسب المحللين يبقى إنذارا للمغرب قابل للتطبيق في أي وقت.
أكدت الأمريكية من أصل مغربي سامية الزروقي المختصة في الشؤون المغاربية إن للوبي المغربي انفق أزيد من 1 .4مليون دولار أمريكي لتلميع صورة المغرب  وللدعاية  في ما يتعلق بقضية ما يسمى(الوحدة الترابية)  ولم تقتصر على ذالك بل شملت حتى أعضاء من الكون كرس الأمريكي و الإعلاميين حتى أصبحت جنيفر روبين مشهورة بثنائها على إصلاحات  النظام المغربي في ما يتعلق (بحقوق الإنسان) في يومية واشنطن بوست.
 بعد ندوة ابوجا بنيجريا التي أفاضت الكأس وجعلت المغرب يفقد أعصابه ويجازف بالتهجم على الجار الجزائري بإنزال علمه من أعلى قنصليته في عيده الوطني، والتحريض المباشر على من يسميهم (أعداء الوحدة الترابية) من اعلى سلطة في البلاد في خطاب الإحباط في11اكتوبر أمام البرلمان المغربي وكذالك الخطاب الهستيري في الذ كراء 38 للمسيرة السوداء  وهما بمثابة  رسالة استباقية لجس نبط الشارع المغربي قبل الإعلان عن الهزيمة أمام إرادة الشعب الصحراوي.
في ظل هذه المتغيرات  يحاول المغرب التستر على فشل الذريع بإيجاد إستراتجية ناجحة في مسالة الصحراء الغربية منتهجا سياسة الهجوم  بدلا من الدفاع السياسي أو ما اصطلح على تسميته بالسياسة الموازية وقد اتضح ذالك في مؤتمر أصدقاء الشعب الصحراوي في روما ، حيث نظم المخزن نشاطا موازيا بالعاصمة الايطالية،علاوة على ذالك محاولة المصالحة مع افريقية الساحل والصحراء لكسب ودها ،وقد بنا المغرب مستشفى بالعاصمة المالية محاولا شراء ذمم الماليين لسحب اعترافهم بالدولة الصحراوية، كما أن دول أمريكا لاتينية الفقيرة لن تسلم من خبثه مستقبلا.
لم يعد القصر في الرباط  يحتمل، فأراد استباق الأحداث مما يضع الكثير من علامات الاستفهام، تنم عن مدى التخبط الذي يعشه المخزن المغربي وما تسببه له لعنة الصحراء الغربية من عزلة تكاد تكون شبه دولية ،مجسدنا مقولة ملك المغرب المقبور الحسن الثاني-الخير يأتي من الصحراء والشر يأتي من الصحراء- . استقر المغرب بتخبطه عند شواطئ الاتحاد الأوروبي ليتنازل له في تجدد  إبرام اتفاقية الصيد البحري –ب 40 مليون يورو سنويا محاولا بذالك إطفاء بعض الشرعية على سيادته المزعومة ومحاولا كسب انتصار دبلوماسي،متجاهلا أن الاتفاقية اعتراف جديد بعدم السيادة على المناطق الصحراوية   والدليل هو الشروط  الأوروبية المتفق عليها - احترام حقوق لإنسان في الصحراء الغربية و- تخصيص مبلغ من العائدات لسكانها ، وهذا إن كان يدل على شيء فإنما يدل على عدم سيادته على الإقليم، ولقد سبق ذالك اعتراف ثاني  في اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأمريكية مستثنيا الجزء المحتل من الصحراء الغربية من الاتفاق.
المستغرب والمثير للجدل هو تعنت المغرب ،رغم أن كل المعطيات تصب في صالح جبهة البوليساريو التي رمت بكل ثقلها على مسالة حقوق الإنسان واستغلال الثروات الطبيعية الصحراوية  من طرف المغرب ،بعدما تبين لها استحالة العودة إلى الكفاح المسلح الذي هو خيار الشعب الصحراوي في آخر المطاف أمام تعنت وغطرسة المحتل .
وظفت جبهة البوليساريو مسالة حقوق الإنسان بطريقة أكثر ما يقال عنها أنها الورقة الرابحة التي أصبح لها دور كبير في رسم معالم السياسة ، وقد ساعدها في ذالك عدالة قضيتها والضغط الكبير الذي تمارسه بعض المنظمات الحقوقية الفاعلة على الساحة الدولية والمؤثرة في صنع القرار مثل اهيومن راي وتش ومؤسسة روبرت كندي، ولهذا سبق أن نجحت جبهة البوليساريو وأنصارها في وقف مفعول اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي في 14ديسمبر2011 والحيلولة دون تجديد اتفاقية الزراعة في فبراير 2012على خلفية منتوجات الصحراء الغربية وانسحاب بعض الشركات الأوروبية من التنقيب عن البترول في الأراضي الصحراوية، أضف إلى ذالك اعتراف البرلمان السويدي بالدولة الصحراوية وكذالك استقبال الرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز من طرف الرئيس الايرلندي بصورة رسمية.
  بعد كل هذا و بعد الزيارة  الأخيرة التي قام بها عاهل  المغرب محمد السادس إلى البيت الأبيض التي لم تأتي بجديد وهو الذي يعيش على مواقفه السياسية ومكرومات الآخرين،خلص المخزن انه لا مفر من مواجهة الحقيقة،خصوصا بعد أن استحال الاختفاء وراء الأسماء الكبيرة، إذا  أمريكا التي كان يعتبرها حليفا استراتجيا في سياسة الاحتلال، قد غيرت من هوايتها في 2012 بعدما استفادت من حروبها الماضية وأصبحت تدير الأمور حسب مقايسها السياسية.
أصبح إلزاميا على المغرب مواكبة السير ولاستفادة من الأخطاء السابقة في ما يتعلق بقضية الصحراء الغربية،بعدما تيقن انه لا يمكن التحايل على مبادئ سامية قدم الشعب الصحراوي ثمنها على طول أربعة عقود من الزمن،كما انه لم يعد ممكنا في ظل الظروف التي يعرفها العالم فرض مصير لا يريده الشعب الصحراوي ولهذا  قد ينحاز  إلى احد الخيارات الأربعة التالية أو تبنيها معا.
1-الدبلوماسية الاستباقية ،لان المغرب فقد زمام المبادرة منذ فترة وارتكب أخطاء فادحة كلفته تنازلات حسب اعتقاده.
2- محاول إسقاط مقترح الحكم الذاتي أو فرضه كخيار وحيد للحصول على فيدرالية أو كونفدرالية التي كثر الحديث عنهما في الآونة الأخيرة.
3-انتهاج سياسة شراء الذمم بزرع أذياله في الدول الفقيرة المعترفة بالدولة الصحراوية من اجل سحب اعترافها خصوصا مع ازدياد الأصوات المطالبة بتقرير المصير واعتراف ملك المغرب بصعوبة الوضع والتطورات المتسارعة التي تعرفها القضية.
4-كسب ود الصحراويين والعمل على إيجاد جبهة موازية لجبهة البوليساريو،ممن يسمون بالوحدويين حسب قول المغرب أو إنشاء مجلس من من لهم نفوذ في المناطق الصحراوية المحتلة أو من عليهم على الأقل شبه إجماع صحراوي ولا استبعد إن يكون من ضمنهم نشطا في مجال حقوق الإنسان .
إن الأشجار العالية  الضخمة عندما ترفض التكيف مع مستجدات المناخ،وترفع أغصانها عالية في كبر واستعلاء غير آبهة بتداعيات الطبيعة تموت وتلفظها الحياة،يراها الناس فيخدعون بثباتها وعلوها وهي في حقيقة الأمر ليست إلى جمادا لاحياه فيها يجب إن تقطع لتكون منصة أو كرسي أو حطب ، فما بالك بالأشجار الصغيرة التي لا قيمة لها...؟
_ أتمنى إن لا تمر هذا المرحلة مرور الكرام على حكومتنا  مثلما مرت فرصة اكديم ازيك وأن  لا يفرط قادتنا في مصير ارض ضحى الكثير من اجلها،وان يكون عام2014 فاتحة خير على الشعب الصحراوي.


الغيث امبيريك

عن الكاتب :

شاب مغربي أحب كل جديد في عالم الانترنت من مواقع وبرامج واحب التدوين ودائما ابحث عن الجديد لتطوير مهاراتي في مختلف الميادين التي تعجبني لكي انقل معرفتي وتجاربي لآخرين حتى يستفيدوا بقدر ما استفدت انا ;)
الموضوع السابق :إنتقل إلى الموضوع السابق
الموضوع التالي :إنتقل إلى الموضوع القادم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

your widget

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

انضم إلينا