الأستاذ:التاقي مولاي ابراهيم
هل أتاك حديث التغني بالنكسات؟
في منتصف شهر أوت المنصرم كتبت مقالا عبر موقع الجزائر تايمز تحت عنوان((سيدي الرئيس.....أوقفوا هذه المأساة))،أين تحدثت فيه بإسهاب عن الجامعة الصيفية التي أقامتها الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية بولاية بومرداس الجزائرية وعن فشلها الذريع في تحقيق الأهداف المتوخاة من ورائها بسب القصور الفكري والثقافي لدى أغلب المشاركين في هذا الحدث،الشئ الذي شجع المشرفين عليها إلى تسييرها وفق أمزجتهم وأهوائهم الخاصة حتى ولو كان هذا التسيير يمس من روح وجوهر الجامعة الصيفية، مما انعكس سلبا من خلال المردود الهزيل لهذه الجامعة ونتائجها الكارثية التي ألت إليها.
ولم أقم بنقدي هذا إلا بدافع الغيرة على القضية الوطنية وأنا أراها بأم عيني تداس على أرض المليون ونصف المليون شهيد بفعل سلوكات أشباه الإطارات التي أرسلت لتشريف شعبها ودولتها أحسن تشريف،لكن هيهات بين رغبتي النابعة من حب الوطن وقدسيته ورغبة المسؤولين عن الجامعة الصيفية الذين حولوها إلى حملة مبكرة لتلميع صورهم استعدادا للمؤتمر الثالث عشر لجبهة البوليساريو من اجل الظفر بمكاسب سياسية ،فلم يستنكر أي منهم أي سلوك من السلوكات اللامشرفة التي مارستها الإطارات المزعومة حتى لا تنغلب عليه في المؤتمر وتزيحه من الساحة السياسية باعتبارها العمود الفقري لهكذا مناسبات مثل ماعودنا النظام.
وما إن أنتشر مقالي المذكور على أوسع نطاق حتى بدأت الردود تظهر عبر مختلف المواقع الإلكترونية بين مؤيد ومعارض ،ولعل الرأي الذي أثار انتباهي أكثر من غيره هو ذلك الذي جاء من قبل إحدى السيدات عبر موقع خط الشهيد وتقول فيه بالحرف الواحد:
((الموضوع ممتاز وتعبير عن جزء قليل من مآسي هذه القيادة الفاسدة، ولكن ما ثار إنتباهي هو أنني لم أكن أتصور بأن التاقي مولاي إبراهيم، بهذه الدرجة من السذاجة السياسية، إلى درجة انه يحتمي من الرمداء بالنار، كما يقال، فهو بعد ان شرح وضع هذه الحاشية التي نظم لها مخيم صيفي من طرف القيادة، واظهر الأمور على حقيقتها، إذا به يطلب الحل ممن هو السبب، فما هذه الغباوة والسذاجة، او الجهل بحقيقة الأمور السياسية بالجبهة، فالمأساة منذ بدايتها هي خطة من طرف الرئيس الذي تريد انت منه ان ينهي المأساة وهو بانيها ومخططها وعقلها المدبر، ام تظن يا كاتبنا الجديد ان القيادة ليست جزءا من المؤامرة، وإلا ما كنت طلبت تغيير وضعية السحرة الصغار من كبيرهم الذي علمهم السحر، إفتح عينيك يا هذا وبصيرتك وعليك ان تعرف بان كل المآسي سببها هي القيادة الفاسدة، والبيادق ليسوا إلا كراكيز كل يؤي الدور المنوط به في السنفونية المأسوية لمعاناة شعبنا فوق لحمادا ليعش الآخرون كملوك... والنصر للشعب الصحراوي)).
مباشرة بعد نهاية الجامعة الصيفية،اجتمعت الأمانة الوطنية لجبهة البوليساريو تحت رئاسة الرئيس وقررت من ضمن ما قررت تعميم نتائج الجامعة الصيفية باعتبارها مكسب كبير حققه الشعب الصحراوي يضاف إلى جملة المكاسب والانتصارات المحققة منذ انطلاق ثورة 20ماي1973،ولو أنني لم أكن من الذين عاشوا الحدث بأم أعينهم لسلمت بالأمر،عندها تذكرت وبأسى عميق رد تلك السيدة الذي جاء في وقت كنت أتطلع فيه إلى الرئيس كي يتخذ إجراءات أكثر حزما من جميع مظاهر التسيب والفساد المتفشية في مختلف مؤسسات الدولة،فإذا به يمنح الضوء الأخضر لصناع مهزلة الجامعة الصيفية من أجل تعميمها على المواطنين المهددين في أية لحظة بقطع المساعدات الإنسانية عنهم في حالة الغياب عن حضور هكذا مناسبات يدعو إليها النظام.
إن رئيسنا كما يعرف العام والخاص من أوائل الذين انخرطوا في صفوف جيش التحري الشعبي الصحراوي وشارك في العديد من المعارك البطولية ضد المحتل المغربي سواء كجندي او كقائد،وساهم بتخطيطه في نجاح الكثير من الملاحم البطولية التي خاضها أبطال جيش التحري الشعبي الصحراوي،وكل هذه المعطيات تؤكد أنه رجل حرب بالدرجة الأولى،كما أن تاريخه في الجبهات الأمامية جعل منه رمزا من رموزنا الجديرة بالتقدير والاحترام رغم أنوفنا،فالشعب الذي لا يقدس ولا يجل رموزه هو شعب معرض للزوال والانقراض،لأن هذه الرموز تمثل جزء مهما من الماضي والحاضر،من الهوية والكينونة التي تؤهل أية أمة لقراءة مستقبلها قراءة سليمة بما يضمن تطورها واستمرارها.
إن أية قراءة تحليلية للمواقف الرئاسية منذ وقف إطلاق النار والسياسات الفوقية الغير قابلة للنقاش والإثراء، لابد من الوقوف عند جملة من الاحتمالات التي قد تكون وراء تردي أداء الهرم الأعلى للسلطة في مرحلة اللاحرب واللاسلم:
ـ إن الرأي العام لدينا يصنعه عادة المصفقون والمتملقون الذين تجدهم في جميع مواقع الفعل والنضال،لا هم لهم سوى ترجيح كفة الخيارات المسيئة للقضية الوطنية بحكم الجهل الذي يعشش في أذهانهم،ضف إلى ذلك مجموعة من القيادة المنتفعة من ريع النظام والتي أصبحت تشكل لوبي خطير داخل الدولة لا يقل شانا عن اللوبيات التي درسناها في التاريخ العالمي.
هاتان الفيئتان هما من يصنع الرأي الذي يتأثر الرئيس به غالبا ،فينعكس ذلك على قراراته في تسيير الدولة.
ـ الفجوة الكبيرة بين الرئيس والمواطن الذي أصبحت علاقته به قائمة على المنفعة الذاتية من خلال مصلحة يحققها الرئيس له،في حين أن كل من يريد أن يقدم أفكار بناءة قادرة على إخراج الصحراويين من الواقع المأسوي الذي يعيشونه توصد في وجهه الأبواب ويصل الأمر إلى حد تجريمه ووصفه بالعمالة والخيانة.
ـ قد تكون هناك جماعات في السلطة لديها أوراق ضغط ضد الرئيس،الشئ الذي يجعله مستسلما لها ولا يعصي لها أمرا،لتتفن هي في العبث بمصير الشعب الصحراوي والتمادي في جمع الثروات على حساب اللاجئين المغلوب على أمرهم.
ـ الاحتمال الأخير والذي أتمنى أن لا يكون هو الحقيقة هو أن الرئيس يعمل ويقررعن وعي تام دون إكراهات أو تحت أي ضغط،وبالتالي يكون رد السيدة على مقالي في محله،عندها سيبدأ الشكك يحوم،خاصة وان الذاكرة تستحضر واحدا من المواقف التي وقف فيها الرئيس في وجه إرادة منتخبي الشعب في المؤتمر العشر لجبهة البوليساريو المطالبين بإقصاء بعض القيادات التي أساءات التسير حين أعلن أنه يتحمل وزر فسادهم وسوء تسييرهم في سابقة فريدة في الفكر السياسي للحركات التحررية الذي عادة ما يتسم بالصرامة والحزم.
إن التاريخ البشري يؤكد وبجلاء أن الشعوب عادة ماتفتخر بقادتها وتمنحم قدسية ومكانة خاصة في قلوبها،لكن مإ إن تبدأ الثقة في القائد تتزعزع ويبدا الشك يتسرب إلى النفوس حتى تبدأ ثورة الشعب في التبلور،وحين يثور الشعب تجف الإقلام وترفع الصحف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق