سيدي الرئيس.....أوقفوا هذه المأساة.
سيدي الرئيس :
في يوم الثلاثاء 26 يوليو2010 اخبرني رئيسي في العمل عن وقوع الاختيار علي لأشارك كممثل لمؤسستي في الجامعة الصيفية التي ستقيمها الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية لإطاراتها في ولاية بومرداس الجزائرية وانه ينبقي علي أن أهيأ نفسي لتمثيل المؤسسة أحسن تمثيل وتمنى لي سفرية موفقة،وقد ترددت في بادئ الأمر ثم سألته عن طبيعة المشاركين في هذه الجامعة فأخبرني أن عددهم يتجاوز الأربعمائة ،أما من حيث نوعيتهم فعلي الاتصال باللجنة التي خصصت لهذا الغرض وهي التي تحمل الجواب الشافي لتساؤلي.
إن ترددي حول المشاركة في هذه الجامعة من عدمها راجع إلى الشعور بجسامة المهمة الملقاة على عاتق المشاركين في هذه الجامعة،لان كل مشارك هو بمثابة سفير، ومن الواجب علية العمل على نقل انطباع جيد عن قضيته وشعبه من خلال المشاركة الفعالة في جميع الفعاليات المبرمجة في الجامعة الصيفية وان يكون في مستوى الإطار الحقيقي بكل ما تحمل العبارة من معنى،الإطار الذي يملك رصيدا ثقافيا يؤهله لفهم جميع فعاليات الجامعة ذات الطابع الفكري واستيعابها وان يكون قادرا على إثرائها، سواء من حيث الإضافات البناءة أو من حيث التساؤلات الممنهجة ذات الصلة بالمواضيع المطروقة من اجل التعبير عن الإمكانات الفكرية والثقافية الخلاقة للأطر الصحراوية ومدى قدرتها على الإفادة والإستعاب وبالتالي تمثيل الشعب الذي يعلق أمالا كبيرة أحسن تمثيل.
من خلال التساؤل عن نوعية المشاركين في الجامعة الصيفية ،تم رسم لنا صورة أفلاطونية حول المشاركين وقيل لنا أنهم كلهم إطارات يعملون في مختلف مواقع الفعل والنضال ولديهم الخبرة الكافية للمساهمة الفعالة في مثل هكذا مناسبات وإنهم من خيرة أبناء الوطن وان أي حديث في هذا الاتجاه هو مجرد تشكيك في اختيارات الدولة،حديث غير مقبول شكلا ومضمونا.
سررت كثيرا بهذا الانطباع الذي وضعت فيه وتوكلت على الله ،وسافرنا يوم السبت 30 يوليوز2010 على متن طائرة جزائرية إلى الجزائر العاصمة ومنها عبر حافلات إلى مقر إقامة الجامعة الصيفية بولاية بومرداس، أين استقبلنا استقبال رفيع المستوى ،لم يكن يحلم به اغلب المشاركين،فقد وفر المنظمون ـ جزاهم الله كل خيرـ جميع أسباب الراحة ووفروا المناخ الملائم لإبداع الإطارات الصحراوية في جامعتها الصيفية ولتعطي لنضالها بعدا فكريا يعيد له قليلا من الهيبة التي أفتقدها في السنوات الماضية بفعل طول المسلسل التراجيدي المعنون بالاستفتاء الذي أصبح عنوانا لليأس والاستسلام في غفلة من الغافلات التي بلينا بها طوال مسيرتنا التحررية.
بداية المأساة :
سيدي الرئيس:
لقد عمل المنظمون الجزائريون بولاية بومرداس على تحقيق كل مقومات الراحة كما أشرت إلى ذلك سلفا ،بحكم أن ولايتهم نالت شرف تنظيم هذا الحدث الكبير،لكنهم صدموا أيما صدمة بنوعية المشاركين في هذه الجامعة والذين قيل لهم من قبل المسؤولين الصحراويين المشرفين عليها أنهم من خيرة الإطارات الصحراوية....وياليتهم لم يفعلوا ذلك.... إلى متى نستمر في تغليط الحليف (الجزائر)؟
إن الإطارات المعنية بالحدث العظيم هي عبارة عن مجموعة بشرية تتكون من زهاء خمسمائة فرد بين الذكور والإناث،الغالبية العظمى منهم لا تملك أي مؤهل علمي،والغالبية منهم تتقن فن الحديث السفسطائي الغير مؤسس بمنهج ولا فكر معين والممزوج بالرغبة في البروز على الأضواء ، خاصة إذا كان المقام به حضور نسوي.
وقد عملت هذه الإطارات المزعومة منذ أن وطأت أقدامها أرض بومرداس المضيافة على تدنيس سمعة الدولة الصحراوية شعبا وحكومة من خلال السلوكات المنافية لصفات الأطر التي يحملها كل واحد منهم،فالإطارات المزيفة استقبلت في المعهد العالي للبترول الذي يعد أهم معلم في ولاية بومرداس،معهد نظيف والخدمات فيه ترقي إلى مستوى الفندقية، وتأتي إليه الطلبة من مختلف بقاع العالم،ويكفي كدليل على نوعيته أنه ممول من قبل شركة سوناطراك التي تنحني الشركات الأمريكية أمامها رغبة في كسب ودها.
لقد جعلت الإطارات المزعومة من الممرات الموجودة في أجنحة الإسكان ومن ساحة المعهد أماكن مفضلة لرمي أعقاب السجائر وهي ظاهرة تحدث لأول مرة في هذا المعهد،ضف إلى ذلك السير في المساحات المعشوشبة التي يجتهد عمال المعهد في سقيها وحمايتها من التلف ، كما أن البعض منهم تفنن في ارتداء الملابس التي لا علاقة لها بصفة الإطار مثل الأقمصة التي تحمل أسماء لاعبين أو المزركشة وكذا سراويل الجينز من أخر موضة .
أما المستوى الفكري فحدث ولا حرج،فقد دخلت في جدال مع أحدهم حول الخونة الذين فروا إلى المغرب وكانوا يشغلون مناصب قيادية في الدولة الصحراوية وقلت له بالحرف الواحد:أليس لهؤلاء مبادئ وقيم يعيشون من اجلها؟
وقد صدمت بالإجابة التي وقعت على نفسي وقعا شديدا ،لان المتحدث في الخمسينات من عمره، وقيل لي انه من إطارات الجيش الصحراوي وله سجل قتالي معتبر،فقد قال لي بالحرف الواحد:الصحراوي بطبعه يميل إلى الاتجاه الذي فيه مصلحته لا أكثر ولا اقل، المبادئ والقيم لا معنى لها....يإلاهي ماذا أسمع؟
إنها مأساة حقيقية يدفع ثمنها الشعب الصحراوي وتحدث على أرض أعاد رجالها كتابة التاريخ بأحرف من ذهب،رجال قهروا أعتى قوة استعمارية ممثلة في فرنسا المدعومة بالحلف الأطلسي،مأساة للأسف الشديد عمل الأشقاء الجزائريون المستحيل من أجل منعها لكن كما قال الشاعر عمر أبو ريشة:
إذا حم القضاء بامرئ فليس له بر يحميه ولا بحر
ـ القشة التي قصمت ظهر البعير:
بدأت المحاضرات المخصصة لهذه الجامعة يوم 03أوت 2010 ،وقد اجتهد المنظمون(الجزائريون) في انتقاء الشخصيات الكفيلة بإلقاء محاضرات ل"إطارات" الدولة الصحراوية،وقد غلب على هذه المحاضرات الطابع التاريخي ،سواء أكان تاريخ الصحراء الغربية أو تاريخ الجزائر أو مواضيع أخرى ذات الصلة بالمنطقة المغاربية.
هنا بدأ الدور السلبي للقائمين الصحراويين على هذه الجامعة، وقد تجسد هذا الدور السلبي في تسيير المحاضرات التي يلقيها الدكاترة والأساتذة الجزائريون ،إذ يتجاهل هؤلاء كل من يحمل مؤهلات أكاديمية أو فكرية من النقاش والتساؤلات ،ويقومون في المقابل بفتح الأبواب على مصراعيها أمام الأشخاص الذين لا يحملون ادنى صفة من صفات الأطر وليست لديهم أية تصورات مهما كانت طبيعتها، الشئ الذي أعطى الانطباع لدى المحاضرين بأنهم أوهموا بوجود إطارات صحراوية ،فإذا بهم يجدون العكس تماما.
وقد حاولت بكل الطرق والأساليب أن أعرف السبب الحقيقي وراء هذا السلوك ،فتبين لي أن الجماعة لا تريد أن يظهر في هذه المناسبة من يحاول أن يخطف منها الأضواء ليس إلا،جماعة وجدت نفسها ـ في غفلة من غفلاتنا المتكررة ـ هي أهل الأمر والنهي، لا سلطان عليها، كما يحدث تماما عند غياب القط الذي تستغله الفئران عادة للرقص والغناء.
ـ تنبيه :
إيمانا مني بأهمية هكذا مناسبات ودورها في كسب المزيد من التعاطف مع القضية الصحراوية داخل الجزائر او خارجها ،فقد كان لزاما علي أن أنبه هؤلاء الذين حملهم الشعب الصحراوي وقيادته مسؤولية قيادة هذه الجامعة الصيفية والعمل على تحقيق نتائج مشرفة للقضية الوطنية ،لكن هيهات بين الشعور بالمسؤولية وبين الشعور بالوطنية.
لقد طلبت منهم العمل على مساعدتي في مغادرة الجامعة الصيفية للأسباب التالية:
1 ـ الإقصاء الممنهج للمثقفين والكفاءات القادرة على رسم انطباع جيد حول القضية الوطنية في المناقشات التي تعقب المحاضرات،وفي المقابل السماح ودون حرج لمن لا يفقهون في الفكر شيئا ،حتى لا يثير أحدا الانتباه غيرهم.
2 ـ لقد عمل هؤلاء على تكريس توجه جديد للقيادة الصحراوية،توجه يكرس الطبقية والاستعلاء ،من خلال خلق حاجز بينهم والمشاركين ،ويتمثل في عدم الالتقاء بالمشاركين في الجامعة الصيفية إلا في المحاضرات فقط من أجل الظهور أمام الكاميرات والأعين فقط،وهذا التوجه ينم عن نرجسية فظيعة تجاوزتها القيادات العالمية المستقلة،فما بالك أن تحصل في ثورة هي في أمس الحاجة إلى المسؤولين المتواضعين وليس العكس.
3 ـ لقد أمروا بمحاصرة المشاركين بين جدران المعهد وأعطوا تعليمات صارمة للأمن بعدم خروج أي شخص دون أذن منهم،إلى درجة أننا أصبحنا نقرأ في وجوه الحراس حيرة كبيرة وتساؤل حول أسباب فرض هذا الحصار وهل هذه الإطارات ليست محل ثقة حتى يسمح لها بالخروج متى شاءت؟
ولتحسين الوضع قليلا،اهتدوا إلى حيلة لتجنب امتعاض المثقفين ،وذلك من خلال الدعوة إلى إرسال الأسئلة في المحاضرات إلى هيئة تسيير المحاضرة ،وهي حيلة لم تنطلي على أحد مع استمرار مسلسل إعطاء الأولوية في طرح الأسئلة لأشخاص لا علاقة لهم بالثقافة والفكر.
والغريب في الأمر أن كل هذا يحدث في ظرف عرف تفجير الكاتب الجزائري أنور مالك لقنبلة من العيار الثقيل،وقد تمثلت في فضحه للممارسات المغربية في المناطق المحتلة وكذا كشفه للحقيقة التي طالما عمل المغرب على طمسها والمتمثلة في تمسك الصحراويون في المناطق المحتلة بوطنيتهم وهويتهم بما في ذلك الأطفال الذين فتحوا أعينهم على المحتل المغربي،فإذا بنا نجد من يجتهد في كشف عوراتنا أمام أقرب المقربين إلا وهو الشعب الجزائري.
ولا اعتبر كتابتي هذه إساءة إلى قضيتي المصيرية المتمثلة في العودة برفقة شعبي إلى وطني وعلم الجمهورية العربية الصحراوية يرفرف عليه بقدر ماهي كشف صريح ودون تحفظ لأشباه الوطنيين الذين استغلوا ثقة الرئيس فيهم فخانو الثقة والأمانة بكل ما تحمل العبارة من معنى.
وبناءا على ما تقدم فإني أوجه نداءا لرئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية من أجل الوقف الفوري لهذه المأساة التي وإن استمرت ستعود بنتائج كارثية على القضية الوطنية أو على الأقل استبعاد المتسببين فيها وتعويضهم بأناس وطنيين لا انتهازيين،فقد مللنا سيادة الرئيس من التجارب وحقولها،وقد أن الأوان لمسك القبضة الحديدية في وجه أمثال هؤلاء المسؤولين وإبعادها عن وجه المواطنين البسطاء أمثالي الذين أكتوا بظلم وجبروت شاكلة هكذا مسؤولين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق