المتتبع لحركة دوران الدبلوماسية المغربية يدرك أنها سرجت أحصنتها مع مطلع العام الجديد ’ وحملت حقائبها المنتفخة بمفاهيم جديدة وأساليب مختلفة ومنتجات مادية لشراء مزيد من الذمم , مما يتطلب منا قدرا كبيرا من الوعي السياسي واعتماد خطوات محسوبة قادرة على مجابهة هذه السياسة والتضييق عليها .
فبعد الفشل الذريع وتراجع المصداقية المغربية خلال العام الفارط ، تسعى دبلوماسية هذا البلد إلى البحث عن مخرج يحفظ لها ما تبقى من فتات لم يلتفت إليه كريس كولمان 24 , الذي أماط القناع عن النكسات المغربية المتلاحقة جراء الأداء السيئ، وانعدام الإستراتيجية، وتخبط النظام الملكي المحكوم بفقدان البوصلة السياسية للأحداث والتطورات , وعدم الالتزام بمصالح الشعب المغربي فضلا عن العبث السياسي والرغبة في زرع التوتر وتأزيم المنطقة .
مع مطلع العام الجديد تراهن دبلوماسية الاحتلال المغربي على اقتناص الفرصة من جديد لتفرض نفسها كلاعب سياسي محترف رافعا سقف شروطه على الأمم المتحدة ومن خلالها على الشرعية الدولية ’ وبث دعايات مزخرفة بالعدالة ودولة القانون واحترام حقوق الإنسان لتبييض وجهها ومغازلة العالم قبيل جلسة مجلس الأمن إنشادا لتسجيل نقاط على الطرف الصحراوي المطالب بسد الثغرات وحشد مزيد من الدعم لمناصرة القضية الوطنية .
ولعل وسائل الخداع التي تستعملها المملكة المغربية خلال هذا العام تتمحور حول سعيها للنيل من مصداقية وعدالة القضية الصحراوية , فضلا عن محاولاتها اليائسة للتأثير على تطورات انتفاضة الاستقلال ومحاصرة توسيع صلاحيات المينورسو ’ مع مواصلة العزف على دوس كرامة وعزة المواطنين الصحراويين ، رغم أنهم استطاعوا في ظرف وجيز تقديم جرد حساب مليء بالوقائع حول ما تسبب فيه نظام الاحتلال المغربي من قتل وسحل وإهانة للصحراويين مما يفرض آلية أممية لمراقبة حقوق الإنسان والتقرير عنها .
ونحن نلج العام الجديد ونتطلع لحسمه لا بد أن نخاطب الأمم المتحدة التي أبقت الباب موصدا مدة طويلة على مدخراتها الفكرية لحل النزاع أن تكثف من توازنها العقلي ’وأن تتسابق مع عامل الزمن المتغير بطبيعته، وإن كان الوقت أضيق مما يحتمل لإعطاء التفاوض فرصة أطول للتغلغل في مفاصل الحل , لنشهد أن الشعب الصحراوي بصبره قد تجاوز الوقت المناسب للتفاوض أكثر من مرة وكانت كلفة التأخير تزداد على أفراده في أكثر من مجال، فيما إحساس المجتمع الدولي بواقعه لا يبدو على ما يرام .
إن جلسة مجلس الأمن المقبلة لا يمكن أن تكون مجرد محطة للوقوف بسبب طبيعتها الضرورية , ولا تشي بأي حل ، ولهذا فلا بد من زعزعة رفوف منظمة الأمم المتحدة ونفض الغبار عن قراراتها السابقة وإعادة ترتيب الأمور، بحثا عن تغييرات في النمط الفكري والرأي حول الشكل والمضمون المعتمدين في التعاطي مع القضية الصحراوية , لتستعيد الأمم المتحدة مكانتها وتفرض احترام الشرعية الدولية ’مثلما لا بد لها كذلك من تحمل تبعات الأعراض الجانبية للحل ’ وتلك ضريبة أفضل بكثير من أن تأتي الحلول عبر وسائط أخرى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق