شهد البرلمان البريطاني خلال يومي 09 و10 من الشهر الجاري إهتماما كبيرا بالقضية الصحراوية من خلال توجيه العديد من أسئلة من قبل عدد من النواب إلى وزراة الخارجية في الحكومة البريطانية متعلقة بالقضية الصحراوية. وتنوعت اسئلة النواب ولامست مختلف الجوانب ذات العلاقة بالقضية الصحراوية كمسألة إنتهاكات حقوق الإنسان في المناطق المحتلة ونشاط بعض الشركات في الإقليم مع ما يخالف القانون الدولي وإتصالات الحكومة البريطانية بجبهة البوليساريو وعمل بعثة المينورسو وكذا علاقة إستمرار الصراع في الصحراء الغربية بالوضع الأمني في المنطقة.

وعلاقة بإنتهاكات حقوق الإنسان في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية وجهت النائب عن حزب العمال والوزيرة بحكومة الظل السيدة كاثي جيمسون سؤالا مكتوب إلى وزير الخارجية والكومنولث جاء فيه “ماهي المعلومات التي توصلتم بها بشأن مزاعم إنتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة من قبل قوات الأمن المغربية”. وفي رد الوزارة الذي جاء موقعا بإسم السيد هوغروبيرتسون وزير الدولة بوزارة الخارجية المكلف بشمال إفريقيا والشرق الأوسط أكد المسؤول علم حكومته “بالمزاعم الموجهة ضد قوات الأمن المغربية، وخاصة في تعاملهم مع المظاهرات” وأكد أنهم من جانبهم “يؤكدون بإنتظام للمغرب على أهمية إحترام حقوق الإنسان في الصحراء الغربية بما في ذلك أثناء المظاهرات” وواصل كاتبا “وقد اثرت هذه المسألة خلال زيارتي إلى الرباط في شهر مارس من هذا العام”.
وبخصوص عمل الشركات الأجنبية في الإقليم وجه النائب في البرلمان البريطاني عن حزب العمال السيد إيان ليفري سؤالا إلى وزير الخارجية البريطاني جاء فيه “ما إذا كان سيصدر بيانا يحذر فيه الشركات البريطانية من الإستثمار في الصحراء الغربية المحتلة من قبل المغرب”. وجاء في رد السيد هوغروبيرتسون وزير الدولة “إن الحكومة البريطانية تنصح الشركات التي تفكر في الإستثمار في الصحراء الغربية بالحصول على استشارة قانونية مستقلة، لجعل الشركات تدرك أن مثل هذه الإتثمارات تثير قضايا معقدة وحساسة” وواصل موضحا موقف الحكومة البريطانية ” نحن نشجع المغرب على الوفاء بإلتزاماته بموجب الفصل الحادي عشر الماد 73 من ميثاق الأمم المتحدة” وتنص هذه المادة على ضرورة حماية وتعزيز مصالح الشعوب الخاضعة لمبدا تصفية الإستعمار.
من جانبه وجه النائب مارك ويليامز نائب رئيس المجموعة البرلمانية من أجل الصحراء الغربية سؤالا حول “ما إذا كان الوزير المكلف بالشرق الاوسط وشمال إفريقيا سيلتقي بممثلين عن جبهة البوليساريو التي تحظى بإعتراف الأمم المتحدة ليناقش معهم القضايا المتعلقة بالصحراء الغربية”. وفي رده المكتوب أكد مسؤول قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بوزارة الخارجية البريطانية السيد هوغروبيرتسون أن السؤولين البريطانيين يناقشون بإنتظام قضايا الصحراء الغربية مع جبهة البوليساريو حيث كتب في رده “يعقد المسؤولون في وزارة الخارجية بلندن لقاءات بشكل منتظم مع ممثلين عن جبهة البوليساريو ويناقشون مسألة الصحراء الغربية، كما يقومون بزيارات إلى المنطقة وإلى مخيمات اللاجئين بتندوف”.
أما النائب باول فلين فركز من خلال اسئلته على تقييم عمل بعثة الأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية (المينورسو) وفعاليتها في تنفيذ مهامها حيث جاء في سؤاله الذي وجهه لذات لوزير الخارجية “ما تقييمك لفعالية بعثة المينورسو في تنفيذ دورها في الصحراء الغربية”. وتكفل السيد روبيرتسون بالرد واعتبر أن المينورسو تقوم بدورها بفعالية “من حيث أنها كلفت بمراقبة وقف إطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو والوضع في الصحراء الغربية هاديء على العموم ووقف إطلاق النار لازال مستمر”.
كما أثار ذات النائب مسألة أعداد القوات المغربية الموجودة على طول الجدار الفاصل في الصحراء الغربية حينما سأل وزير الخارجية “عن التقارير التي تلقاها مؤخرا من الستويات المحددة في إتفاق 1991 بشأن التغييرات التي وقعت في أعداد القوات المغربية على طول الجدار الفاصل في الصحراء الغربية”. وأكد السيد روبيرتسون أن “بعثة المينورسو سجلت في تقريرها إلى مجلس الأمن لسنة 2014 أن العدد القوات التقديري على طول الجدار لم يتغير في الآونة الأخيرة” ويواصل وزير الدولة “إلا أن التقرير يؤكد أن هذا العدد يُعتقد أنه تجاوز أحكام اتفاقية 1991″.
وأثار النائب مارك ويليامز في سؤال له مسألة تأثير استمرار الصراع في الصحراء الغربية على العصابات الإجرامية والإرهابية في المنطقة حينما سأل وزير الخارجية عن التقارير التي تلقاها بخصوص كيفية تأثير الصراع في الصحراء الغربية على قدرة العصابات الإجرامية والإرهابية على تجنيد الشباب الصحراوي المحبط في المناطق المحتلة أو في مخيمات اللاجئين جراء طول الوقت دون التوصل لحل للصراع ، وتقاطعت النائب كاتي كلارك مع النائب مارك ويليامز في ذات السؤال عندما طلبت من وزير الخارجية تقييما لذات المسألة. وجاء رد الوزارة المعنية كالتالي “نحن نراقب الوضع الأمني في المنطقة من خلال عدة مصادر. ونحن مدركون لمدى الإحباط في كل من الصحراء الغربية ومخيمات اللاجئين بتندوف بسبب عدم إحراز تقدم في العملية السياسية وبسبب الظروف الإجتماعية والاقتصادية في المخيمات. ومع ذلك فإننا لسنا على علم بأي أدلة تؤكد زيادة التطرف لدى الشباب الصحراوي من قبل العصابات الإجرامية والإرهابية”.
والملاحظ من خلال عرض الأسئلة إجماع النواب على وضع الصحراء الغربية بإعتبارها إقليم محتل خاضع لمبدأ تصفية الاستعمار ويلمس من أسئلتهم تحميلهم الأمم المتحدة مسؤولية الفشل في التوصل إلى حل للقضية الصحراوية من خلال سعيهم لتقييم دور بعثة المينورسو وتأثير السنوات الطويلة التي بدأت تظهر خاصة على الشباب بسبب تماطل الأمم المتحدة في حل النزاع.
كما أن الحكومة البريطانية من جانبها في ردها على الأسئلة تربط حالة الإحباط بين الشعب الصحراوي في كل من المناطق المحتلة ومخيمات اللاجئين مباشرة بعدم إحراز تقدم في العملية السياسية التي تقوده الأمم المتحدة، كما تنفي صفة الراديكالية والتطرف عن الشباب الصحراوي رغم ما تحركه الدعاية المغربية بهذا الخصوص.
جدير بالذكر أن بريطانيا وبشكل خاص البرلمان شهدت خلال السنوات الاخيرة اهتماما متزايدا بالقضية الصحراوية سمته الغالبة مناصرة حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير وحماية حقوق الإنسان ووقف نهب الثروات الطبيعية من قبل سلطات الاحتلال المغربي مما بدأ يثير خفيظةالطرف المغربي، خصوصا بعد زيارة لجنة تقصي الحقائق الممثلة للبرلمان البريطاني في شهر فبراير الماضي إلى المناطق المحتلة والتي أصدرت تقريرها المعنون بـ “حياة تحت الإحتلال” أيام قبل مناقشة مجلس الأمن للقضية الصحراوية ما شكل حينها صفعة لسلطات الاحتلال المغربية.








ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق