بقلم
ا
بقلم عزالدين ميهوبي
من غرائب ما ينكشف سرّه هذه الايّام، أنّ شفرة الزر النووي الأمريكي في فترة الحرب الباردة بين 1962 إلى 1977 كانت عبارة عن ثمانية أصفار (..) أي بمجرد أن تضع إصبعك على (00000000) ينطلق الصاروخ باتجاه الهدف المحدّد في أيّ منطقة في العالم، وهي عادة لا تخرج عن دائرة النفوذ السوفياتي آنذاك..
هذا السرّ الذي افتضح أمره هذه الأيّام أثبت أنّ إمكانيّة تحويل العالم إلى رماد أو إلى أصفار، بسيطة جدّا ولا تحتاج إلى عناء، بل إنّ هناك من وصفها بالساذجة قياسًا إلى أفلام جيمس بوند التي تتطلّب الذكاء والحيلة لفكّ الشفرة الملعونة.
ويقول الخبراء، إنّ العالم كان محكومة بمعجزة لو أنّ الشفرة وقعت في يد بعض المجانين والمغامرين الذين لا يمكن لهم أن يقاوموا إغواء الموت بالجملة.. إنّما هناك من يقول إنّ السبب في جعل الشفرة سهلة، هو تأكيدٌ على أنها في الأصل تهدف إلى إبعاد الذين يصطادون في كشف الأسرار، ويعتقدون أنّ الأمر معقّد جدّا، بينما هو أبسط من جرعة ماء..
وفي العام 1977 تمّ تغيير الشفرة الصفريّة التي عمّرت خمسة عشر عامًا دون أن ينكشف أمرها، وأصبحت أكثر تعقيدًا خاصّة بعد أن دخل العالم في حروب حقيقية مثل غزو أفغانستان والحرب بين العراق وإيران وغزو لبنان، وكلّ تلك الصراعات المسلّحة كفيلة بتحريك الشفرة يمينا ويسارًا، فلا ينجو العالم من دمار شامل، وأصبح الاهتمام بسريّة الشفرة التي تتحكم في سير الرؤوس النووية أهم من مكان وجود الصواريخ في حدّ ذاتها..
إنّ العالم اليوم يعش مرحلة "الفضائح النووية والسياسيّة" بامتياز، منذ أن انكشف أمر مفاعلات ديمونة في إسرائيل، وتسريبات عبد القدير في باكستان، وصولاً إلى ويكيليكس وأسرار سنودن، وبالتالي فإنّ التكنولوجيا الرقميّة التي تشكّل عمق المتغيّرات التي يشهدها العالم، هي في حقيقة الأمر سلاحٌ ذو حدّين، إذ بقدر ما تتيح للعالم التسريع بوتيرة التطور وفرض الفجوة الرقميّة على عالم لم يصل بعد مستوى سقف الثورة الصناعيّة، أصبح ضحيّة القوّة الهائلة التي تُنتجها المختبرات العالميّة في الهند وكوريا الجنوبية واليابان وسيليكون فاليه الأمريكية للمبتكرات.. فالفكرة تحملُ نقيضها، والرقمنة التي نقلت العالم من قساوة الحديد إلى رقّة الشريحة، هي التي تكشف اليوم المستور من فضائح الكبار والصغار أيضًا، في أجهزة دقيقة جدّا، يصعبُ كشفُها أو ضبطها في حواجز جمركيّة، بل إنّا تفعل الأفاعيل من خلال الشابكة الإلكترونية (الأنترنيت) التي لم يسلم منها الساسة والفنانون والرياضيون والإعلاميون.. وصغار المجتمع. فالصّورة يمكن التلاعب بها، والمعلومة يمكن تحويلها إلى إشاعة أو وتوظيفها في مساومة أو مقايضة..
فالعالم، في النهاية، كان ينام على ثمانية أصفار لا معنى لها في حساب الرياضيات، هي ذات قوّة تدميريّة غير مسبوقة في حسابات الموت والإبادة. فمن قال إنّ الصفر لا معنى له؟ ومن قال إنّ الصفر الذي ابتكره العرب لحلّ معضلة الانتقال لما بعد الرقم تسعة، يصبح اليوم ذا قيمة كبيرة خاصّة بعد أن اكتشف النّاس أنّهم كانوا قاب قوسين أو أدنى من أن يتحوّل الصفر إلى أرقام ضحايا؟ للصفر أكثر من معنى.. ولله في خلقه شؤون.
بقلم عزالدين ميهوبي
من غرائب ما ينكشف سرّه هذه الايّام، أنّ شفرة الزر النووي الأمريكي في فترة الحرب الباردة بين 1962 إلى 1977 كانت عبارة عن ثمانية أصفار (..) أي بمجرد أن تضع إصبعك على (00000000) ينطلق الصاروخ باتجاه الهدف المحدّد في أيّ منطقة في العالم، وهي عادة لا تخرج عن دائرة النفوذ السوفياتي آنذاك..
هذا السرّ الذي افتضح أمره هذه الأيّام أثبت أنّ إمكانيّة تحويل العالم إلى رماد أو إلى أصفار، بسيطة جدّا ولا تحتاج إلى عناء، بل إنّ هناك من وصفها بالساذجة قياسًا إلى أفلام جيمس بوند التي تتطلّب الذكاء والحيلة لفكّ الشفرة الملعونة.
ويقول الخبراء، إنّ العالم كان محكومة بمعجزة لو أنّ الشفرة وقعت في يد بعض المجانين والمغامرين الذين لا يمكن لهم أن يقاوموا إغواء الموت بالجملة.. إنّما هناك من يقول إنّ السبب في جعل الشفرة سهلة، هو تأكيدٌ على أنها في الأصل تهدف إلى إبعاد الذين يصطادون في كشف الأسرار، ويعتقدون أنّ الأمر معقّد جدّا، بينما هو أبسط من جرعة ماء..
وفي العام 1977 تمّ تغيير الشفرة الصفريّة التي عمّرت خمسة عشر عامًا دون أن ينكشف أمرها، وأصبحت أكثر تعقيدًا خاصّة بعد أن دخل العالم في حروب حقيقية مثل غزو أفغانستان والحرب بين العراق وإيران وغزو لبنان، وكلّ تلك الصراعات المسلّحة كفيلة بتحريك الشفرة يمينا ويسارًا، فلا ينجو العالم من دمار شامل، وأصبح الاهتمام بسريّة الشفرة التي تتحكم في سير الرؤوس النووية أهم من مكان وجود الصواريخ في حدّ ذاتها..
إنّ العالم اليوم يعش مرحلة "الفضائح النووية والسياسيّة" بامتياز، منذ أن انكشف أمر مفاعلات ديمونة في إسرائيل، وتسريبات عبد القدير في باكستان، وصولاً إلى ويكيليكس وأسرار سنودن، وبالتالي فإنّ التكنولوجيا الرقميّة التي تشكّل عمق المتغيّرات التي يشهدها العالم، هي في حقيقة الأمر سلاحٌ ذو حدّين، إذ بقدر ما تتيح للعالم التسريع بوتيرة التطور وفرض الفجوة الرقميّة على عالم لم يصل بعد مستوى سقف الثورة الصناعيّة، أصبح ضحيّة القوّة الهائلة التي تُنتجها المختبرات العالميّة في الهند وكوريا الجنوبية واليابان وسيليكون فاليه الأمريكية للمبتكرات.. فالفكرة تحملُ نقيضها، والرقمنة التي نقلت العالم من قساوة الحديد إلى رقّة الشريحة، هي التي تكشف اليوم المستور من فضائح الكبار والصغار أيضًا، في أجهزة دقيقة جدّا، يصعبُ كشفُها أو ضبطها في حواجز جمركيّة، بل إنّا تفعل الأفاعيل من خلال الشابكة الإلكترونية (الأنترنيت) التي لم يسلم منها الساسة والفنانون والرياضيون والإعلاميون.. وصغار المجتمع. فالصّورة يمكن التلاعب بها، والمعلومة يمكن تحويلها إلى إشاعة أو وتوظيفها في مساومة أو مقايضة..
فالعالم، في النهاية، كان ينام على ثمانية أصفار لا معنى لها في حساب الرياضيات، هي ذات قوّة تدميريّة غير مسبوقة في حسابات الموت والإبادة. فمن قال إنّ الصفر لا معنى له؟ ومن قال إنّ الصفر الذي ابتكره العرب لحلّ معضلة الانتقال لما بعد الرقم تسعة، يصبح اليوم ذا قيمة كبيرة خاصّة بعد أن اكتشف النّاس أنّهم كانوا قاب قوسين أو أدنى من أن يتحوّل الصفر إلى أرقام ضحايا؟ للصفر أكثر من معنى.. ولله في خلقه شؤون.
من غرائب ما ينكشف سرّه هذه الايّام، أنّ شفرة الزر النووي الأمريكي في فترة الحرب الباردة بين 1962 إلى 1977 كانت عبارة عن ثمانية أصفار (..) أي بمجرد أن تضع إصبعك على (00000000) ينطلق الصاروخ باتجاه الهدف المحدّد في أيّ منطقة في العالم، وهي عادة لا تخرج عن دائرة النفوذ السوفياتي آنذاك..
هذا السرّ الذي افتضح أمره هذه الأيّام أثبت أنّ إمكانيّة تحويل العالم إلى رماد أو إلى أصفار، بسيطة جدّا ولا تحتاج إلى عناء، بل إنّ هناك من وصفها بالساذجة قياسًا إلى أفلام جيمس بوند التي تتطلّب الذكاء والحيلة لفكّ الشفرة الملعونة.
ويقول الخبراء، إنّ العالم كان محكومة بمعجزة لو أنّ الشفرة وقعت في يد بعض المجانين والمغامرين الذين لا يمكن لهم أن يقاوموا إغواء الموت بالجملة.. إنّما هناك من يقول إنّ السبب في جعل الشفرة سهلة، هو تأكيدٌ على أنها في الأصل تهدف إلى إبعاد الذين يصطادون في كشف الأسرار، ويعتقدون أنّ الأمر معقّد جدّا، بينما هو أبسط من جرعة ماء..
وفي العام 1977 تمّ تغيير الشفرة الصفريّة التي عمّرت خمسة عشر عامًا دون أن ينكشف أمرها، وأصبحت أكثر تعقيدًا خاصّة بعد أن دخل العالم في حروب حقيقية مثل غزو أفغانستان والحرب بين العراق وإيران وغزو لبنان، وكلّ تلك الصراعات المسلّحة كفيلة بتحريك الشفرة يمينا ويسارًا، فلا ينجو العالم من دمار شامل، وأصبح الاهتمام بسريّة الشفرة التي تتحكم في سير الرؤوس النووية أهم من مكان وجود الصواريخ في حدّ ذاتها..
إنّ العالم اليوم يعش مرحلة "الفضائح النووية والسياسيّة" بامتياز، منذ أن انكشف أمر مفاعلات ديمونة في إسرائيل، وتسريبات عبد القدير في باكستان، وصولاً إلى ويكيليكس وأسرار سنودن، وبالتالي فإنّ التكنولوجيا الرقميّة التي تشكّل عمق المتغيّرات التي يشهدها العالم، هي في حقيقة الأمر سلاحٌ ذو حدّين، إذ بقدر ما تتيح للعالم التسريع بوتيرة التطور وفرض الفجوة الرقميّة على عالم لم يصل بعد مستوى سقف الثورة الصناعيّة، أصبح ضحيّة القوّة الهائلة التي تُنتجها المختبرات العالميّة في الهند وكوريا الجنوبية واليابان وسيليكون فاليه الأمريكية للمبتكرات.. فالفكرة تحملُ نقيضها، والرقمنة التي نقلت العالم من قساوة الحديد إلى رقّة الشريحة، هي التي تكشف اليوم المستور من فضائح الكبار والصغار أيضًا، في أجهزة دقيقة جدّا، يصعبُ كشفُها أو ضبطها في حواجز جمركيّة، بل إنّا تفعل الأفاعيل من خلال الشابكة الإلكترونية (الأنترنيت) التي لم يسلم منها الساسة والفنانون والرياضيون والإعلاميون.. وصغار المجتمع. فالصّورة يمكن التلاعب بها، والمعلومة يمكن تحويلها إلى إشاعة أو وتوظيفها في مساومة أو مقايضة..
فالعالم، في النهاية، كان ينام على ثمانية أصفار لا معنى لها في حساب الرياضيات، هي ذات قوّة تدميريّة غير مسبوقة في حسابات الموت والإبادة. فمن قال إنّ الصفر لا معنى له؟ ومن قال إنّ الصفر الذي ابتكره العرب لحلّ معضلة الانتقال لما بعد الرقم تسعة، يصبح اليوم ذا قيمة كبيرة خاصّة بعد أن اكتشف النّاس أنّهم كانوا قاب قوسين أو أدنى من أن يتحوّل الصفر إلى أرقام ضحايا؟ للصفر أكثر من معنى.. ولله في خلقه شؤون.
المصدر : صفحة ميهوبي على الفيسبوك








ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق