الخيمة والدراعة والملحفة وحربهم مع العدو
بقلم الاستاذ : محمود خطري
إن معاركنا المفتوحة
والمستمرة مع العدو المغربي , تتواصل وتتنوع مع الأيام , والحقيقة انه وبعد وقف إطلاق
النار والصمت المؤقت للغة الرصاص تكلمت لغات أخرى
شن العدو حربها علينا وقد كنا حديثو العهد بها ، ولا شك كانت بدايتها السياسة
ثم الإعلام ثم الثقافة ، فاتحا من خلالهم جبهات عديدة ،ظل شعبنا يواجهها بإرادة فولاذية
صلبة ،رغم ترسانة العدو ومن يقف وراءها.
ولقد ظل الشعب الصحراوي
متحصنا بمقومات وجوده ، في مقارعة الأعداء ، رافضا أشكال الإغراء ودعاوى الانفتاح إلا
ما يتطلبه الذوق والعقل دون المساس بما قد يشكل تعديا على ثقافتنا وتميزنا، ومن هذه
المقومات الثقافية التي ظلت تسمك سماء وجودنا ، نجد الخيمة التي ظلت تؤرق الاحتلال
المغربي ، بل أصبحت الشبح الذي يطارده المحتل في كل مكان ، فظل يعمل على مصادرتها ،
و" تكريس " أي خيمة " سمكت
" في سماء مدينة صحراوية محتلة ، لتأكد العدو المغربي أنها مكان لا يجتمع فيه
الصحراويين على ضلال ، بل ليخرجوا بالإجماع على قرار خطيرعلى الاحتلال وسياسته التوسعية
في المناطق المحتلة ، والرامية إلى مغربة و"
شلحنة " مناطقنا المحتلة وطمس معالمها .
حيث ظلت الخيمة
تحارب في كل الأماكن ، ويحظر بناؤها فوق أسطح المنازل وفي الشواطئ وفي الشوارع ، بطريقة
مخزنيه ممنهجة ، وظلت هذه الطريقة متبعة إلى أن جاءت ملحمة اكديم ايزيك ، التي حركت
في الصحراويين مكامن الإبداع والثورة ، ليرسموا للعالم لوحة فريدة ، ألوانها ألاف الخيام ، تعبيرا عن رفضهم
للإقصاء والتهميش وتغريبهم في أرضهم ، ليبنوا وطنا من الخيام شهد العالم فيما بعد اللهم
إلا جاحد ، انه كان الانطلاقة الحقيقية للربيع العربي .
فالخيمة إذن تعد
هاجسا ، يربك الاحتلال ويخل بتوازنه ، يختلق الحجج لمحاربتها ، دون أن يفلح أمام صمود
الصحراويين وتشبثهم بها.
وبعد الخيمة تأتي
الدراعة والملحفة ، وما يحملانه من رمزية ، للمواطن الصحراوي كونهما تعكسان مدى تميزه واعتزازه بهويته وانتمائه
للثقافة الوطنية الصحراوية .
فمن يشاهد المعتقلين
السياسيين الصحراويين ، أبطال اكديم ايزيك وهم يرتدون الدراعة ويرافعون عن القضية الصحراوية
، يدرك جيدا مدى قوة شخصية الدراعة ، ودورها في شحذ عزم المعتقلين ومد معنوياتهم بذخيرة
الصمود والارتقاء بها ، هذا مع ما تشكله الدراعة من هجوم على حجج العدو وهزيمة لقضاته
وجلاديه.
ومن يشاهد النساء
الصحراويات وهن يرفعن إشارة النصر أمام محاكم الاحتلال بملاحفهن الصحراوية ، ومن يلاحظ
الملاحف الملطخة بدمائهن الطاهرة بسبب التعذيب
وضرب الجلادين المغاربة ، يستخلص صلابة المرأة الصحراوية وقوة شكيمتها ، وحضورها
الدائم في كل المناسبات ، للوقوف إلى جانب الرجل ، للتعاون على كسر شوكة الاحتلال وتقليم
أظافره.
إن كل هذه المظاهر
والمعطيات تفسر وجود حرب ، تدور رحاها بين المحتل وأجهزته والصحراويين وزيهم ، يهدف
من ورائها الاحتلال المغربي إلى مصادرة ثروة الصحراويين الثقافية ، وامتصاص جذورهم
لتفقيرهم ثقافيا ، حتى لا يبقى شعبنا عصيا على الابتلاع .
ورغم كل هذه المحاولات
الشوفينية للعدو ، ومحاربته بناء الخيم مهما كان شكلها ،والدراعة والملحفة ، فان العجز
يبقى حليفه الدائم ، كونه يبحث عن اقتلاع هوية
الصحراويين ، والتي لطالما ظلت سلاحا فتاكا ، وسببا للمناعة الصحراوية ، في وجه كل
أشكال التذويب والتدجين .








ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق