يقول لكم الأستاد التاقي مولاي أبراهيم
أبشروا ياصحراويين.........
مخيم الغضب..بشائر ثورة المهمشين بالصحراء
مخيم الغضب..بشائر ثورة المهمشين بالصحراء - Hespress
مولاي بوبكر حمداني*
Thursday, October 21, 2010
سبق في مقالاتنا السابقة على الجريدة الالكترونية هسبريس سواء مقالنا حول الكوركاس أو بخصوص وكالة الجنوب،أن حذرنا من وضعية الجمود التي تعرفها الأقاليم الصحراوية على المستويات الاجتماعية والاقتصادية بسبب بطء الحكومة في تفعيل مقتضيات المخطط المندمج الذي أسس له عاهل البلاد من خلال خطابه بمناسبة الذكرى الرابعة والثلاثين للمسيرة الخضراء والقائم على خمس توجهات تهدف إلى إضفاء روح متجددة على المسيرة التنموية بهذه الأقاليم.
ينضاف إلى ما سلف انخراط طرفي السلطة المنتخبة من جهة، والإدارة الترابية من جهة ثانية في صراع دونكيشوتي ستطال تأثيراته السلبية كافة مناحي الحياة و تؤثر على المجتمع بصورة جلية وستجمد دينامية الحياة الفاعلة فيه.
في ظل استمرار هذا الوضع وإزاء المعطيات المقلقة التي تجلت في ارتفاع معدلات البطالة واتساع اخطبوط الفساد والريع، ونهم وشراهة المضاربين العقاريين والتي أوصلت العقار إلى أثمان خيالية كلها مؤشرات رفعت درجة التوتر و اليأس و عدم الاطمئنان للمستقبل لدى المواطنين بهذه الجهة، وفي غياب منتخبين حقيقيين يكونون نتاجا للإرادة الصحراوية الحقيقية، ويعكسون هذه الإرادة في البرلمان وباقي المؤسسات، سواء في بحث احتياجات الساكنة ومراقبة الملايير المرصودة لتنميتها، أو في مواجهة الشطط في استعمال السلطة، والذي تمارسه الإدارة في التعامل مع المواطنين بين الفينة والأخرى، انبرى مجموعة من الشباب الصحراوي إلى الاحتجاج بطريقة سلمية وحضارية ليلفتوا أنظار أعلى سلطة في البلاد إلى التهميش الذي يعرفونه والفقر المدقع والبطالة التي تضرب بأطنابها في صفوفهم. وقاموا بنزوح جماعي نحو ضواحي مدنية العيون ونصبوا خيامهم، فشكل مخيمهم هذا محجا لمختلف الشرائح العمرية شيوخ نساء شباب وأطفال والتي تعيش مختلف أوجه الإقصاء والهشاشة، وليجسد بشائر ثورة هادئة واعية وحضارية لكل الفئات المهمشة بالصحراء، ويدار هذا المخيم بأسلوب منظم يدعو إلى الإعجاب خاصة بعد أن رفض منظموه استغلال مخيمهم لأغراض سياسوية ضيقة قد تخدم هذا الطرف أو ذاك، ومحددين مطالبهم ومنذ البداية في مطالب اجتماعية محددة يأتي على رأسها التشغيل والسكن ولتحذو حذوهم مجموعة من المدن الأخرى كالسمارة وبوجدور و بلدية المرسى وان لم تصمد كما صمد مخيم الغضب بالعيون الذي يدخل أسبوعه الثالث على التوالي.
إلا أن اللافت في هذا ليس مسالة النزوح الجماعي إلى العراء، وترك المدينة التي لم يعد لنا بها مورد رزق ولا نملك فيها شبرا من الأرض-حسب تصريح احد المحتجين- ، بل الجديد هو صعود نغمة ظلت مكبوتة لسنوات طوال ربما تفاديا منهم للعنصرية والشوفينية وان كان هذا الطرح تفنده سلوكياتهم الحضارية والمرنة في العيش المشترك، هذه النغمة وان كانت تمارس في ارض الواقع بأشكال متنوعة من التكافل الاجتماعي والمصاهرة...، فقد أعلنت عن نفسها في مخيم الغضب من خلال بروز مصطلحات من قبيل: الصحراويين الأصليين أو "لاسينساو" او "أهل لاتييرا" إلى العلن، والذين يقصد بهم أبناء القبائل الصحراوية وخاصة منهم المحصيين في التعداد الاسباني.
ولعل من الأسباب المباشرة لبروز هذه النزعة- التي قد نتفق معها أو نختلف- التهميش والتفقير الذي عرفته هذه الساكنة الأصلية بعد تكريس الحكومات المتعاقبة لمجهوداتها في معالجة مخلفات مرحلة "أم الوزارات" سيئة الذكر والتي تحكمت في إدارة ملف الصحراء لمدة طويلة وإدارته بقبضة حديدية بمحاولاتها المتكررة لطمس الهوية الصحراوية- كما هو الشأن بالنسبة للهوية الأمازيغية-، وتحطيم النسيج المجتمعي بالمنطقة عن طريق زرع بؤر الفتن والتشكيك وإذكاء النزعة القبلية واعتماد المقاربة الأمنية القائمة على الاعتقالات وتكميم الأفواه الحرة والاعتماد على تقارير المخبرين المغلوطة، المكتوبة في المنازل والمنافية تماما لواقع الساكنة سواء السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي.
ولعل من ابرز أخطاء تلك المرحلة هو جلب عشرات الآلاف من المواطنين من شمال المملكة إلى الأقاليم الصحراوية بهدف تسجيلهم في عملية تحديد الهوية من اجل المشاركة في الاستفتاء حول مصير الإقليم الصحراوي، إلا أن هذه المرحلة طالت واستطالت ليجد هؤلاء المواطنين أنفسهم بمخيمات الوحدة في وضعية أسوء من وضعية اللجوء التي تعرفها مخيمات اللاجئين بتندوف.
وتأتي مرحلة "الوطن غفور رحيم" لتحدث نزيفا بشريا انتقل من مخيمات اللجوء ومناطق مختلفة من العالم وتضيف إلى الكتلة البشرية المرتفعة أصلا بالأقاليم الصحراوية رافدا جديدا لم يكن بالحسبان.
والنتيجة أننا جمعنا مئات الآلاف من البشر دون أن توفر لهم مسبقا أدنى وسائل العيش الكريم من سكن وتطبيب وتعليم وتشغيل، وستعود وزارة الداخلية من جديد في محاولة يائسة لتجد لها موضع قدم في إدارة ملف الصحراء ولو على الصعيد الداخلي- بعد أن كانت سابقا محجا لكل من لديه مشكل من الصحراويين- فقامت بالإشراف على عمليات التوظيف لأبناء الأقاليم الجنوبية، وإسكان قاطني مخيمات الوحدة، ثم إدماج العائدين إلى ارض الوطن، وكما هي عادتها فقد فشلت فشلا ذريعا في تدبير هذه الملفات حيث شابت عمليات التوظيف لسنوات 1999 و2003 و2005 خروقات حقيقة حيث بدلا من أن تكون حلا فعليا لمعضلة البطالة بهذه الأقاليم فقد تحولت إلى عملية لإقصاء الصحراويين الأصليين وتوظيف من له قرابة أو علاقات زبونية ومحسوبية بأطر وموظفي وزارة الداخلية والإدارة الترابية- حتى ولو لم تطأ أقدامه أرض الصحراء قط- وهذه الممارسات عهدها المغاربة في هذه الوزارة لسنين إلا انه من غير المقبول لعهد يبشر بالمفهوم الجديد للسلطة أن تستمر مثل هذه التجاوزات.








ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق